عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
لماذا الدين ؟ صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
السبت, 14 نوفمبر 2015 20:49

لماذا الدين ؟

أ.د.حامد طاهر


الإنسان بعقله ، وبمستوى الذكاء الموجود فيه – لا يستطيع أن يخترق بعض الحجب التى تحيط به وبوجوده فى هذه الحياة . فهو لا يعرف أبداً سر المولد، وسر الموت ، وسر اللانهاية، وسر الأبد . وكل ما يمكنه التوصل إليه ينحصر فى مجموعة قوانين تتحكم فى بعض الظواهر الطبيعية ، وبعض القوانين الرياضية والميكانيكية التى تتيح له صنع الآلات والأدوات والأجهزة التى يستخدمها. أما تلك الأسرار الكبرى فهى التى نزلت الأديان السماوية لكى تشير إليها ، وتدل عليها ، داعية الإنسان أن يستخرج منها مفهوماً شاملاً عن الكون والحياة .


ومما يدل على أن الإنسان ـــ بما فى ذلك الأنبياء – قد كان يطمح إلى معرفة المزيد : ما ورد فى القرآن الكريم ، خاصاً بموسى عليه السلام ، الذى كلمه الله تكليماً ، لكنه طلب منه أن يراه . (رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ) (قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ، فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا) .


وإبراهيم عليه السلام ، طلب نفس الطلب ، فقال له الله تعالى (أَوَلَمْ تُؤْمِن) فقال : (بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) .


ويؤكد لنا القرآن الكريم أن كلاً منهما لم يحصل على إجابة طلبه ، لأن الله تعالى لا يمكن رؤيته بعين الإنسان المحدودة القدرة . وأبسط مثال على ذلك أنه لا يستطيع أن ينظر بها مباشرة إلى قرص الشمس ، التى هى إحدى مخلوقات الله !


الدين إذن هو الذى يحكى للإنسان عن بدء خلقه ، وكيف أن جسده تكون من صلصال كالفخار ، ثم انه لم يتحرك وتدب فيه الحياة إلا بعد أن نفخ الله فيه من روحه.ومن المهم أن الإنسان راح يسأل عن حقيقة هذا الروح ، ولكن الإجابة جاءت قاطعة (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا) .


وبهذا يمكن القول بأن الدين أعطى للإنسان من الإجابات التى يتحملها عقله المخلوق ، وأبقى بعض الأسرار الكبرى التى يبدو أنها لن تنكشف له إلا بعد مغادرة هذه الحياة (فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد) .


وبالنسبة إلى سؤال : هل الدين ضرورى للإنسان ؟ أقول : أجل ، بكل تأكيد . فالإنسان مهما سيطر على الدنيا – بتسخير الله تعالى له – يظل ضعيفاً ، ومحدود القدرة ، ومحتاجاً للعناية الإلهية التى تحفظ عليه نعمة الحياة ، وتساعده فى تعمير الأرض .


ولولا أن الإنسان خلق جحوداً وناكراً للجميل ، لما مست الحاجة إلى تذكيره بفترة طفولته التى كان يحتاج فيها إلى من يسقيه ويطعمه ويكسوه وينظفه ويقوم بكل أموره الحياتية لحظة بلحظة . فإذا وصل إلى مرحلة الشباب ظهرت حاجته إلى رفيقة عمره التى تسعده وتساعده على تحمل أعباء المعيشة ، وتنجب له الأبناء الذين يشدون من أزره ويصبحون امتداداً له . فإذا وصل مرحلة الشيخوخة بدأت حاجته تزداد إلى كل من حوله ليأخذوا بيده على القيام والقعود وتناول الدواء . .


ولا شك أن كل إنسان تأتى عليه لحظات قوة يشعر فيها بالقوة والاستقواء ، لكنه ما يلبث أن يتعرض للحظات أخرى يحس فيها بالضعف والخذلان . فإذا ما كان يؤمن بالدين ، ويعترف بوجود الخالق ، الرازق ، الذى بيده ملكوت كل شئ فإنه ينجو من ضلالات الحيرة والتيه ، ويستند إلى ركن شديد .


والإنسان ليس حيواناً متوحشاً يمكنه أن يعيش وحده فى الغابة كالنمر مثلاً، وإنما هو كائن اجتماعى لابد أن يحيا وسط جماعة متآلفة . وكما أن عمليات التبادل لا تتوقف بينه وبين تلك الجماعة ، فإن خروجه على قوانينها ، وأعرافها ، وتقاليدها ، ودينها .. يعتبر شذوذاً من الجماعة ، ولذلك فإنها لا ترضى به ، وقد تنزل به أشد العقاب . أما إذا كان متآلفاً مع الجماعة فى دينها ، فإنه يحظى بمشاركتها فى احترام الشعائر ، وأداء الطقوس ، وتطبيق الأخلاقيات . وبذلك تتحقق فيه خصائص الكائن الاجتماعى المتناغم مع الجماعة ، وليس الخارج وحده عن صفوفها .


والدين ليس فقط راحة نفسية للإنسان ، وإنما هو تحقيق لوجوده الحقيقى ، ويكفى أن يتجرد الإنسان ليسأل نفسه : من أين أتيت ؟ ولماذا أنا موجود ؟ وإلى أين المصير ؟ وهى الأسئلة الثلاثة التى طرحت على الفلسفة فى كل عصورها دون أن تقدم لها إجابة متكاملة مقنعة ، لكن الدين وحده هو الذى أجاب عنها ، وقدم الأدلة الكافية على صحة هذه الإجابة .

 


 

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث السبت, 14 نوفمبر 2015 20:52