عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
بنات السويس صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الاثنين, 27 يوليو 2015 22:25

بنات السويس

 


لم تكن السنوات الست التى أعقبت نكسة يونية 1967 سهلة أبدا على عموم المصريين ، ولا بصفة خاصة على سكان مدن القناة : بور سعيد والإسماعيلية والسويس . فقد أصبحت هذه المدن الثلاث فى مرمى نيران العدو الجاثم مباشرة على الضفة الشرقية للقناة . وقد راح باستخدام دانات مدافعه ودباباته ، وقنابل وصواريخ طائراته يهدم ويدمر كل المانى والمنشئات القائمة فى هذه المد ن، كما أحرق النخيل والأشجار والمزارع ،ولم يتورع عن القصف المباشر لمآذن المساجد ، وأبراج الكنائس !


لذلك كان لزاما على الحكومة المصرية أن تصدر قرارا صعبا للغاية بإخلاء المدن الثلاث من سكانها ، وإعطاء كل أسرة مبلغا بسيطا من المال لكىتستأجر شقة صغيرة أو غرفة فى إحدى المدن أو القرى التى تختارها . والملاحظ أن معظم المصريين قد رحبوا بهم ، واحتضنوهم بكل عطف ومودة .


لكن الجو العام كان خانقا ، وطعم المرارة فى حلوق الناس كان لاذعا ، لذلك اختفت الابتسامة من الوجوه ، كما توارت النكتة الى تميز بها المصريون ، وتواصل تقييد ساعات الإضاءة ، وكان رواد المقاهى يجلسون عليها ونفوسهم مسدودة عما يشربونه أو يدخنونه . أما الشوارع فقد تم إلزام سكان كل بيت بأن يقيموا أمام بابه جدارا من الطوب والأسمنت ، وحوله العديد من شكائر الرمل .


وكان بجوار شقتنا يحى الدرب الأحمر شقة خالية ، استأجرها الأستاذ يونس له ولأسرته المهجرة من السويس : زوجة ، وأربع بنات ، كلهن شابات ، وفى سن الزواج . لكن أين الشبان الذين كان يمكنهم فى ذلك الوقت الإقدام على الزواج ، أو حتى التفكير به ؟! لقد جرى تجنيد غالبية شباب مصر فى الجيش ، وبعد تدريبهم ، تم إرسالهم على الفور إلى مواقع الاشتباك على جبهة القنال ، ولم يكونوا ينزلون فى أجازة إلا خمسة أيام من كل شهر .


فى تلك الفترة ، لم يكن الحجاب قد انتشر بين الفتيات فى مصر . فكانت بنات الأستاذ يونس يخرجن سافرات الوجوه ، منسدلات الشعر ، عاريات الأذرع بفساتين قصيرة . والواقع أنهن كن مع سمرتهن على قدر لا بأس به من الجمال.وقد أساء ذلك نساء الحى ، فكيف تخرج بنات السويس بهذا المنظر ، ويرجعن أحيانا فى وقت متأخر من الليل ؟! لذلك رحن يدفعن أزواجهن إلى ضرورة الاحتجاج على هذا الوضع ، حتى لا يسىء لسمعة حى عريق ، مثل حى الدرب الأحمر !


وعلى الفور توجه وفد من كبار رجال الحى ، ومعهم شيخ الجامع ، إلى الأستاذ يونس فى شقته ، وكلموه فى الموضوع . ويقال إن الرجل أصغى جيدا لكل ما قالوه ، وودعهم باحترام بعد أن وعدهم خيرا . ويبدو بالفعل أنه تحدث مع بناته فى الأمر ، لأنه لم يمض يومان حتى وقفت ابنته الكبرى فى وسط الشارع تماما ، وراحت تصيح بأعلى صوتها :


ــ انا فقط أريد أن يخرج منكم رجل واحد ويقول لى : ماذا فعلته أنا واخواتى .. نحن يا أيها الكلاب أشرف من الشرف .. ومن يجرؤ أن يتكلم علينا أو حتى يهمس بكلمة واحدة تمس سمعتنا سوف أضربه بحذائى هذا على رأسه .. ثم خلعت حذاءها ، وراحت تدورفى مكانها ملوحة به . وأخيرا اقترب منها أحد أصحاب المحلات ، وهدأ قليلا من غضبها ، وقبل أن تدخل البيت التفتت إلى شبابيك الشقق المواربة وصاحت مستهزئة :


ــ لو أنتم فعلا رجال ، وفيكم نخوة كنتم ذهبتم إلى القنال ، وحاربتم كرجال !لم يستطع أن يرد عليها أحد من رجال الحي . كما سكتت النساء تماما . ومن يومها صارت بنات الأستاذ يونس يرحن ويجئن فى الحى بكل حرية ،حتى انتهت السنوات الست .


ــــــــــــــــــــــــــ

 

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الثلاثاء, 04 أغسطس 2015 14:55