عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
السقطة الآولى صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الاثنين, 27 يوليو 2015 22:11

السقطة الآولى

 


ظل الأستاذ متولى حريصا أشد الحرص على مكانته الملتزمة فى الوظيفة التى تولاها مؤخرا عن جدارة فى المصلحة ، وهى رئيس قسم المحفوظات ، الذى تضم قاعته المستطيلة تسعة موظفين ما بين شاب ومقبل على المعاش . أما الرجل فكان نموذجا من حيث الدقة والأمانة والانضباط . وكان من محافظته على حسن السيرة وقطع الألسنة لا يسمح لأى مواطن له مصلحة أن يقترب من مكتبه ، او يهمس فى أذنه بأى حديث حتى لا يكون عرضة للقيل والقال . ولماذا يثير شيئا من ذلك وهو المتعفف عن التطلع لأى ترقية ، أو انتظار علاوة ، أو حتى مكافأة على ساعات العمل الإضافى .


وذات يوم ، حدث معه ما يشبه المستحيل . زارته فى منزله سيدة على قدر كبير من الأناقة والجمال معا ، لكنها كانت تتشح بالسواد ، وهى كما يبدو فى حالة حداد . استقبلتها زوجته فى الصالون ، ونادت على الأستاذ متولى الذى أسرع بارتداء الروب فوق الجلباب ، وعندم دخل ليرحب بالسيدة فوجئ بها تنخرط فى البكاء . حاول تهدئتها وطلب من زوجته أن تحضر لها كوب ليموناده حتى تخفف من نحيبها وشهقات صدرها الذى يعلو ويهبط . وبعد أن سكنت قليلا سألها عن سبب زيارتها ، فقالت : باختصار يا أستاذ متولى أنا فى أشد الحاجة لأحد المستندات عندك ، لأنه مهم جدا فى سير القضية ، التى رفعتها بعد وفاة المرحوم زوجى المفاجئة فى حادث سيارة . عقدت الدهشة لسان الرجل عن الكلام فلم يرد . وبعد إلحاح منها ممزوج بالدمع والاستعطاف ، استأنفت قائلة : عموما إذا كان الأصل صعبا تكفينا صورة كما يقول المحامى . وهنا رد الأستاذ متولى بحسم : يامدام ، هذا مستحيل . لكن المرأة أسرعت بالقول إنها مستعدة لدفع ربع مليون جنيه لقاء هذه الصورة .


نظر الأستاذ متولى إلى زوجته . ونظرت زوجته إليه ، ثم قاما متجهين إلى غرفة النوم ليتحدثا ، تاركين المرأة وحدها فى الصالون ، بعد أن ألقت قنبلتها فى مسامعهما !


قالت الزوجة : وماذا تعنى صورة،ما دام الأصل سيظل عندك فى الأرشيف ؟ لكن هذا مخالف للتعليمات . قالت الزوجة : والله الست غلبانة ، وباين عليها الحزن والانكسار ، لكنها تعرض علينا مبلغا ضخما لا يستهان به . سكت الرجل واستمرت الزوجة : إنك إذا عملت مائة سنة فى الحكومة لن تحصل على عشر هذا المبلغ .. أرجوك ، وافق من أجل الأولاد .


عاد الأستاذ متولى إلى الصالون ، وقد تغيرت ملامح وجهه الصارمة ، وقال للسيدة : وكيف أحصل عل المبلغ ؟ أجابت بسرعة خاطفة : بمجرد تسليمى الأصل أو الصورة . قال : الصورة فقط . قالت :حسنا وسأكون شاكرة لك طول العمر ، ثم أضافت : وكذلك أولاد المرحوم . وأخيرا اتفق معها على موعد ومكان التسليم والتسلم ،وفيهما تم كل شىء حسب الاتفاق .


جلس الأستاذ متولى فى مواجهة زوجته فوق السرير ، بعد أن أغلقا عليهما غرفة النوم حتى لا يشاهدهما الأولاد ، وراحا يعدان النقود ويتأكدان من سلامتها . وكانت المشكلة : أين يمكن الاحتفاظ بكل هذه النقود ؟ فى البنك أم فى الدولاب ؟ لكنهما اتفقا أخيرا عى إخفائها فى غرفة مهجورة ببيتهم فى القرية ، وبشرط أن يجرى السحب منها بمنيهى الحرص ، وعلى قدر الحاجة فقط ، حتى لا يلاحظ أحد من الأقارب ، ولا حتى الأولاد .


بعد يومين ، عاد الأستاذ متولى إلى العمل . جلس إلى مكتبه وراح ينظر فى عيون الموظفين فى القاعة المستطيلة ويتابع نظراتهم إليه ، وتساءل : هل أحد منهم يمكن أن يكون على علم بما حدث ؟ ثم أغمض عينيه وقال لنفسه : وماذا يعنى إذا علموا ؟ أليست هذه هى السقطة الأولى ؟!


ـــــــــــــــــــــــــ

 

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الاثنين, 27 يوليو 2015 22:14