عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
وجبة السردين ! صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الاثنين, 27 يوليو 2015 21:57

وجبة السردين !

 


من أعجب مظاهر الحياة الحيوانية التى تحدث فى الطبيعة، وتحمل للإنسان دلالات هامة بعضها سياسي وبعضها أخلاقى تلك الوجبة الضخمة من السردين الذى يتكاثر فى البحار الواسعة والمحيطات، ويبلغ مرحلة يحين فيها صيده من جانب عدة أفواه مفترسة من بينها الإنسان!


وتتمثل مشكلة السردين فى أنه سمكة ضعيفة، لذلك فإنها تتجمع فى مجموعات هائلة ، ظنا منها أنها بهذا التجمع تكون أقوى، وتحمى نفسها من الأعداء..


وبالطبع ما أشرس أعداء البحر! وأول هؤلاء الأعداء وهى "الدلافين" التى تجد فى السردين وجبة لذيذة جدا ، وتنتظر تجمعاتها فى موسم محدد، ثم تقوم بدفعها إلى المكان الذى تستطيع التهامها فيه، وتظل بحركاتها المعهودة ترقص بجانبها، وتستدير حولها، ثم تدخل فى عمقها وتقتنص ما تستطيع استيعابه منها . وكل ذلك يحدث فى حركات سريعة وانسيابية.


لكن "الحيتان: وهى فى الأصل من أكبر أعداء الدلافين ما تلبث أن تشم رائحة الوليمة ، فتسرع بالاشتراك فيها بنفس القدرة والمهارة.


وهنا يظهر وضع عجيب: وهو أن الحيتان التى تتناول وجبتها الدسمة من الدلافين، لا تلقى لها بالا فى تلك الحالة، بل إنها تتكاتف معها، أحدهما من الأعلى والآخر من الأسفل لكى يحظى بنصيبه من السردين ، بل من الأعجب أن "عجول البحر" الضخمة لا تتردد هى الأخرى فى الاشتراك بالوليمة، غير عابئة بأنياب الحيتان التى تنغرس عادة فى لحومها المكتنزة !


وهكذا يشترك ثلاثة أعداء فى وقت واحد فى التهام السردين المسكين، الذى لا يجد له مهربا سوى الاقتراب من الشواطئ، فماذا يجد هناك ؟ يجد "الإنسان" قد أعد له الشباك الكبير لكى ينتشله من الماء إلى الأقفاص ، ومنها إلى السوق!!


ومع ذلك فإن هناك طرفا خامسًا ، يهبط من الجو بسرعة مائة كيلو فى الساعة ، وهى تلك "الطيور" التى تعودت أن تغوص فى الماء على بعد ثلاثين مترا ثم تلتقط فى منقارها سردينة وتصعد بها للهواء.


إذن فقد أصبح لدينا خمسة أعداء، عادة ما يتربص كل منهم بالآخر معظم الوقت، لكنهم تركوا عداوتهم مؤقتا لكى يحصلوا على تلك الوجبة الشهية من السردين. ومن نعمة الله أن السردين متوافر بأعداد هائلة، بحيث يكفى الجميع. فهل يمكن للإنسان أن يفكر جيدا فى دلالات هذا المشهد ، وأن يستخلص منه الأبعاد السياسية والأخلاقية التى قد تساعده فى اتخاذ القرار الصائب فى مختلف المواقف الصعبة التى يتعرض لها. ومن أهم تلك الدلالات أن الضعيف إذا تحالف مع ضعيف مثله لن ينتج عنهما إلا ضعيف مركب، وأن الأعداء قد يتغاضون عن عداواتهم مؤقتا من أجل تحقيق مصلحة سريعة ومباشرة لكل منهم، وأخيرا فإن نظام العالم قائم على "المدافعة" التى لا بقاء فيها إلا للأقوى!


التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الجمعة, 27 سبتمبر 2019 13:50