عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
زوجة عم موسى صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الاثنين, 27 يوليو 2015 21:54

زوجة عم موسى

 


لم يفتح لى عم موسى قلبه بالصداقة إلا بعد مرور أربع سنوات كاملة من التعامل معه ، ومحاولة التقرب منه . كان دكانه يطل على الناصية التى أحب دائمًا أن أقف عليها مستقبلاً أصدقائى، أو متطلعًا إلى ظهور حبيبتى التى كانت تطل على فترات من الشرفة المواجهة للناصية.


وفى البداية، كان عم موسى يضيق بى، وبأصدقائى بسبب ما نحدثه من ضجة كانت تعكر عليه صفو جلسته الهادئة فى الدكان. ومع أن الرائحة المنبعثة من الفسيخ والسردين والملوحة كانت زاعقة، إلا أنها كانت بالنسبة لنا شيئًا عاديًا للغاية. والأمر الذى جعلنا نكسر عين عم موسى به ، أننا كنا فى كثير من الأحيان نطلب منه أن يهيئ لنا أكلة معتبرة، يقوم هو نفسه بإعدادها، وإضافة الزيت والخل إليها، وأحضار الليمون والخس والطماطم لتكسر حدتها. وكان الرجل يسمح لنا أحيانًا باستخدام ركن من المحل لنتناول فيه تلك الوجبة الشهية، والتى كنا نمنحه لقاءها أكثر مما تستحق .


ذات يوم كنت أقف وحدى أمام الدكان، وفجأة وجدت عم موسى يخرج لى الكرسى الخاص به، ويدعونى أن أجلس عليه. وترددت كثيرًا ، لكنه ألح. وعندما جلست ظل هو واقفًا ، ينظر فى وجهى ، وينتظر أن أسأله :

ـــ ما الخبر؟

وقبل أن أفعل ذلك قال :

ـــ الجماعة عندى غضبانين.


كنت أعرف أنه متزوج من امرأة تصغره بعشرين سنة على الأقل ، ورغم افتقادها لأى قدر من الجمال إلا أنها كانت لعوبا، تقتحم بعينها أى رجل ، ولا تخجل من أن تلمسه بيديها ، وتزيح الملاية عن كتفها وهى تمازحه. كنا جميعًا نعرف عنها ذلك، ونتجنب محادثتها قدر الإمكان ، احترامًا لعم موسى ، وتقديرًا لشيخوخته الهادئة والصامتة دائمًا.

قلت له :

ـــ خير يا عم موسى.. وهل هناك سبب يستحق ؟

ـــ أبدًا والله يا أستاذ المسألة تتعلق دائمًا بغسيل الجلابية.

دهشت، فاستمر قائلاً :

ـــ أصل مهنتنا هذه تتطلب نظافة الهدمة باستمرار. وأنا اشترطت عليها ذلك قبل الزواج، لكنها عادت تقولى لى: أنا زهقت خلاص من غسيلك المقرف، ورائحتك الزفرة ؟

قلت له محاولاً التهدئة:

ـــ وهل حدث ذلك منها موخرًا ، أم من مدة طويلة؟

ـــ كانت تقول ذلك دائمًا، لكنها فى الفترة الأخيرة أصبحت أكثر نرفزة، وأعلى صوتًا

.. فكرت قليلاً ، ثم وجدتنى أقترح عليه شراء غسالة ملابس توفر عليه وعليها القيام بهذا العمل. لكن الرجل نظر إلى بانكسار شديد وقال :

ـــ أبدًا يا أستاذ .. والله لو أحضرت لها مغسلة بكاملها لن يعجبها. الست ما دامت تزهق يبق خلاص مفيش فايدة .

قلت له : يعنى إيه مفيش فايدة ؟!

قال :

ـــ يعنى لابد من طلاقها . يمكن هى شايفة شوفة تانية. وربنا يسهل لكل حى.

 

وتركنى عمى موسى على الكرسى، ودخل المحل ينقل الماء المملح من بعض البراميل إلى الأخرى، وانهمك فى عمله على نحو لم يترك لى أى فرصة لمواصلة النقاش معه.

 

ظهرت حبيبتى فى الشرفة، فحاولت أن أنسى موضوع عم موسى، لكنه كان أقوى من أن أطرحه جانبًا. ولمحت يديها تنشران قميصًا لأخيها الصغير، ووجهها يضىء بابتسامة عذبة، ثم تختفى بسرعة خوفًا من أن يشاهدها أحد. قلت لنفسى:

ـــ هل ستظل هذه الابتسامة طويلاً ، أم أنها ستختفى كما اختفت ابتسامة زوجة عم موسى ؟ ومن يدرى ربما قبل عشرين سنة ؟!

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الجمعة, 27 سبتمبر 2019 13:49