عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
اختفاء عم ياقوت صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الاثنين, 27 يوليو 2015 21:53

اختفاء عم ياقوت

 


عم ياقوت .. رجل تجاوز الخمسين واتجه نحو الستين ، ومع ذلك ظل مفتول العضلات ، عريض الأكتاف، لم يتغير فى صدره شعرة واحدة من السواد إلى البياض. وكانت إقامته على عتبة جامع المؤيد بشارع الغورية . وفراشه لا يزيد عن مشمع يلف به بطانية صوف من بطاطين الجيش، ويربطها بحبل، تاركًا إياها بجانب الباب، ولم يحدث أن اقترب منها لص أو حركها من مكانها عامل قمامة .. كان الجميع يعرفون أن هذا هو فراش عم ياقوت .


أما عمله فكان حمالاً ، يستخدمه تجار الغورية فى نقل وتحميل البضائع التى تتوافد على محلاتهم طوال النهار فى شكل بالات قماش، أو صناديق قيشانى، أو علب أحذية. وكان من أهم مزايا عم ياقوت أنه لا يتلقى أجره عن كل عملية يقوم بها على حدة ، وإنما يمر على التجار فى أى وقت فينفحونه بما يجودون به، ولم يحدث أنه نظر إلى ما يعطونه أو استقله أو فاصلهم فيه. كان يقبل القروش القليلة كما يقبل الجنيه والخمسة. وأحيانًا كانوا يبعثون إليه من نفس الطعام الذى يطلبونه لأنفسهم، مرة من عربة الكشرى، وأحيانًا من محل الكباب . وفى المساء ترى عم ياقوت جالسًا على عتبة جامع المؤيد مبتسمًا فى أمان ، وهو يتابع الحركة التى لا تكاد تتوقف أبدًا فى شارع الغورية .


وذات يوم اختفى من المكان عم ياقوت . وراحت بائعة اللبان تقسم أنها رأته يدخل المسجد ولا يخرج منه، بينما أكد بائع العرقسوس أنه شاهده مع جماعة من الأرياف يتناقشون بجانب السور، وأنه كان مهمومًا جدًا بمشكلتهم . وعندما بدأت أسئلة التجار الذين كانوا يحتاجون إلى خدماته تتزايد، همس أحد الصبية فى محل المناديل بأنه شاهده آخر مرة مع امرأة فائقة الجمال يتناجيان طويلاً ، ثم مشى معها فى اتجاه بوابة المتولى ولم يرجع ..


وفى لمح البرق، انتقلت الشائعات ، وتعددت عن عم ياقوت، بدءًا من اختفائه فى الجامع كولى من أولياء الله الصالحين، حتى رحيله مع المرأة المعجبة، وتطوع أحد كبار التجار فقرر أن يحتفظ بفراش عم ياقوت عنده فى المحل ، مفسحًا له مكانًا هامًا بين البضائع المكدسة . وعندما حاول أحد زملائه من التجار أن يشير إلى فحولة عم ياقوت رغم حياته البسيطة نهره الجميع، وأكدوا أنهم لم يروا عليه شيئًا من هذا القبيل، وأن الرجل كان مواظبًا على الصلوات الخمس ، وصيام رمضان، وكانت كل أمنياته أن يختم حياته بحج بيت الله الحرام.. كان الحزن يملأ قلوب جميع من عرفه، إلى جانب الأسف على خسارة هذين الساعدين اللذين كانا يحملان أثقل الأحمال، ومن الغريب أن أحدًا منهم لم يسأل نفسه سؤالاً واحدًا : من أين جاء عم ياقوت ؟ وما هى بلده ؟ كما أن أحدًا لم يتحدث معه ذات يوم عن أصله وفصله ؟!


* *

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الجمعة, 27 سبتمبر 2019 13:48