عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
الأسد وعائلة الفئران صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الاثنين, 27 يوليو 2015 21:36

الأسد وعائلة الفئران

 


عندما أشرف الأسد على مرحلة متقدمة من السن ، لم يعد يهمه أن يرى بعض الفئران الصغيرة تتقاذف من حوله ، ويكاد بعضها يلمس زيله وهو يلعب مع زملائه. فى الماضى ، كان يمر على كل الجحور المحيطة بعرينه ، وتكفى ضربة خفيفة من يده لكى تختفى منها كل الهوام والحشرات، أما الآن فإنه فقد الرغبة فى تطفيش تلك المخلوقات الصغيرة من حوله ، بل إنه راح يتلذذ أحيانًا من مشاهدتها عن قرب، وهى التى كانت تختبئ من مجرد سماعها وقع أقدامه ، أو صخب أنفاسه .


فى إحدى المرات ، سمع الفأرة الأم تتشاجر مع زوجها من قلة الطعام ، وعدم سعيه الجاد فى الحصول عليه من أجل الأولاد الذين كثر عددهم، وزادت تكاليف معيشتهم. وعندما نظر الأسد بطرف عينه إلى الزوج وجده مستكينًا لا يقدر أن يفعل شيئًا ، فقد أنهكه الزمن ، وظهرت الشيخوخة على ملامحه ، ولم تعد عيناه اللامعتان مركزتين ، بل إنه راح يتثاءب كلما أمعنت زوجته فى عتابه.


تذكر الأسد حاله، ورثى لنفسه لكنه قرر أن يمنح هذه العائلة بعض اللحوم والعظام المتبقية من ولائمه. لكنه عاد فتذكر أنه لم يعد قادرًا على الاصطياد بنفسه ، وأنه فى الشهور الأخيرة أصبح يفقد ما معدله تسع فرائس من عشر ، ولا يكاد يحصل على واحدة إلا بعد أن يقع له حادث، فينكسر له ناب ، أو ينخلع له ظفر ، أو يتحول مفصل من مكانه .. كان يدرك جيدًا أنها علامات الشيخوخة التى لاحظها على أبيه من قبل . لكن أباه توفى سريعًا، ولم يتعرض لهذا الموقف الذى أصبح هو فيه الآن. كل زوجاته فارقته إلى أسد أكثر شبابًا، وحتى أبناؤه وأحفاده لم يعودوا يتقبلون وجوده فى نطاق أرضهم، والأدهى من ذلك أن بعض الضباع قد أدركت حالته فأصبح بعضها يتجرأ على التسلل إلى الفريسة التى يصطادها بنفسه ، ويسعى لخطفها من بين أنيابه !


اقتربت الشمس من المغيب، وخرجت الفئران الصغيرة من جحورها تلعب وتتقاذف بجوار الأسد الذى بدا أنه نائم، وإن كان متيقظًا لما يجرى حوله. وأسعده أن يرى تلك العائلة الكبيرة العدد من الفئران بأجيالها المختلفة . كما راح يراقب بصعوبة قفزات الفئران الصغيرة جدًا وهى تخطف من بعضها الطعام ، أو تدور حول زيول بعضها فى حركات دائرية منتظمة. وفجأة سمع أحد الفئران الصغيرة ينادى أمه قائلاً :

ـــ انظرى يا أمى .. هذا الأسد يبدو أنه مات. فأنا لا أكاد أسمع صوت أنفاسه. انتبه الأسد فجأة ، وزمجر فأثار الرعب فى كل أفراد العائلة التى أسرعت بالدخول إلى مخابئها، ثم بدأ رأس الأم يظهر مستطلعًا :

ـــ كيف تقول هذا يا بنى .. الأسد صحيح ومعافى ، وهو يتركنا نعيش فى حمايته . لكن إياكم أن تقلقوه أو يدوس أحدكم على زيله !

أعجب الأسد كثيرًا بكلام الأم العاقلة، وصمم على أن يساعدها فى إعالة أسرتها الكبيرة.

 

فى اليوم التالى صحا الأسد مبكرًا على غير عادته ، وراح يتجول فى الجوار، باحثًا عن حمار وحشى أو جاموسة برية أو حتى غزال .. لم يكن هناك من ذلك أى شئ. وفجأة ظهر خنزير برى صغير، فأسرع بالانقضاض عليه ، لكن الخنزير البرى كان أكثر رشاقة فنجا من القفزة الضخمة للأسد، واندفع بين الصخور والأحراش كان أكثر رشاقة فنجا من القفزة الضخمة للأسد، واندفع بين الصخور والأحراش والأسد المنهك يتابعه ، ويصطدم أحيانًا ببعض الصخور الناتئة، مما أدمى يديه وقدميه ، وراح الدم يتدفق منها، بينما اختفى الخنزير الصغير تمامًا .

 

عاد الأسد إلى عرينه وقطرات الدم تسيل منه على الأرض، ثم استلقى على جنبه، ولمحته الفأرة الأم، فأسرعت بإحضار بعض أوراق الشجر الجافة وراحت تضعها على جروحه، وهو ينظر إليها بامتنان ، بينما وقف زوجها يراقب الموقف من بعيد بقدر كبير من الحذر والخوف. وعندما قفز فأر صغير على كتف والده سأله :

ـــ هل هذا الأسد سيعيش يا أبى ؟

أجابه بهدوء :

ـــ أعتقد يا بنى.

ـــ طيب ، وماذا تفعل أمى له ؟

ـــ إنها تساعده على التئام جراحه .

ـــ لماذا يا أبى ؟

ـــ لأنه جارنا يا بنى ومن واجبنا أن نساعده.

 

فى تلك اللحظة فقط ، أدرك الأسد العجوز أنه قد انتهى.. لأنه أصبح يعيش بالفعل فى كنف عائلة الفئران، بعد أن كانت كل حيوانات الغابة تعيش فى كنفه

***

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الجمعة, 27 سبتمبر 2019 13:46