عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
شقة الأستاذ محروس صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الاثنين, 27 يوليو 2015 21:24

شقة الأستاذ محروس

 


لم تتعرض شقة الأستاذ محروس منذ استأجرها فى منتصف الخمسينات إلى أى نوع من أنواع التجديد الذى طرأ علي أمثالها من الشقق المجاورة. فلم يتغير مثلاً لون الحوائط، ولا بلاط الأرضيات، كما ظل الأثاث على حاله منذ أن اشترى أجزاء هامة منه، مثل الصالون والسفرة، من أحد المزادات . والواقع أن محتويات الشقة كانت من المتانة بحيث لا تحتاج إلى تغيير. لكن الأولاد وقد كبروا راحوا يتأففون من قدمه، وأصبح يصل إلى سمعه من خلال زوجته شكوى البنات بالذات من الحرج الذى يشعرن به عندما تزورهن صديقاتهن، ويتعجبن من الاحتفاظ بهذا الأثاث العتيق حتى ذلك الوقت !


كان الأستاذ محروس يلقى بكل هذه الانتقادات جانبًا ، بل إنه كان يسخر من بعض أصدقائه فى العمل وعلى المقهى عندما يذكرون أنهم غيروا أثاث الشقة، أو استعانوا بمهندسى ديكور لإعادة تنظيمها وتجميلها. وعلى الرغم من أنه كان يعجب فى أعماقه بمدى ما دخل على شقتهم من تطور وتحديث إلا أنه لم يجد داعيًا على الإطلاق لإحداث أى نوع من التغيير فى شقته. ولماذا ؟ فهى تتكون من أربع غرف وصالة كبيرة جدًا، تتوسطها مشربية مصنوعة من الخشب المطعم بالعاج . وإلى جانب ذلك تميزت بدواليب فى الحائط. وفرت عليه شراء دواليب للأولاد مما أدى إلى اتساع المكان. وجعله متاحًا للحركة، حتى أن حجرة الصبيان كانت تتسع لوضع ترابيزة بنج بها.


لكن الأمر بدأ يتغير منذ خروج الأستاذ محروس على المعاش. فقد صار هو الذى يتحدث عن ضرورة تغيير الشقة، وراح يقضى أوقاتًا طويلة في البحث عن أثاث مودرن، ويسأل بجدية عن أسعار الدهان وورق الحائط، كما أرهق نفسه كثيرًا فى المقارنة بين أسعار الرخام والسيراميك، وأخذ يحسب أسعار المحلى والمستورد، وأخيرًا قال له أحد الأصدقاء القدامى: لماذا لا تستعين بمهندس ديكور، يتحمل عنك كل هذا العبء، ويقوم بتجديد الشقة من الألف إلى الياء ؟


أقنع الأستاذ محروس زوجته بالفكرة، وعلى الفور طلب من أبنائه وبناته وكان معظمهم قد تزوجوا، أن يجدوا له مهندس ديكور يكون متميزًا ورخيص الأجر فى وقت واحد، لكن الأولاد قالوا له : إن اجتماع الأمرين معًا غير ممكن . وعليه أن يتحمل أكثر حتى يخرج العمل على خير ما يرام. وتحت الإلحاح، رضخ الأستاذ محروس لنصائحهم، وقام بسحب مبلغ محترم من مدخراته ، وانتظر زيارة مهندس الديكور، الذى لم يكن سوى شاب لا يتجاوز عمره الثلاثين. ويكتب ملاحظاته فى دفتر صغير، وأخيرًا حانت اللحظة التى أخبر الأستاذ محروس فيها بأن التكلفة تصل إلى ستة وسبعين ألف جنيه.


ــــــ لماذا يا باشمهندس؟


ـــــ يا حاج سوف أغير لك كل شئ . بدءًا من جرس الباب حتى حنفيات المطبخ والحمام. وسوف تكون هناك إضاءة غير مباشرة، كما سنقيم لك تقاطعات زجاجية داخل الغرف. الشقة كبيرة وسوف تتطلب الكثير من العمل . ولا أريد أن أتحدث عن ارتفاع أسعار الخامات.


همهم الأستاذ محروس لكنه استأذن الشباب فى أن يفكر فى الموضوع قليلاً خرج المهندس، متيحًا له كل الحرية فى اتخاذ قراره، وترك له الكارت بالإنجليزية، مكتوب فيه أكثر من خمسة أرقام تليفونات!


فى المساء ، جلس الأستاذ محروس فى الشرفة، وعندما وافته زوجته بكوب الشاى بالحليب ، سألته : ماذا سيفعل ؟ قال لها بهدوء :


ـــــ لقد قضينا فى هذه الشقة بهذا الوضع أكثر من خمسين سنة. وفيها ربينا أبناءنا، وزوجنا معظمهم. ماذا يحدث لو تركناها على حالها ، واستفدنا من هذا المبلغ الضخم المطلوب لتجديدها ؟!


وافقته الزوجة كعادتها بدون نقاش، وعندما طلب منها أن تجلس قليلاً معه، قالت له إن الروماتزم قد زاد عليها، وأنها تفضل أن تتمدد قليلاً فى الفراش..


* *

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الجمعة, 27 سبتمبر 2019 13:43