عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
مأساة القواميس العربية صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الجمعة, 26 يونيو 2015 20:50

مأساة القواميس العربية


[
الأهرام، 2007 ]


الأصل في القاموس أنك إذا فتحته وجدت فيه ما تريد أن تعرفه. لكن القواميس العربية الحديثة وبدون استثناء حين تفتحها تجد فيها ما لا تريد. ولا تعثر على ما تريد. لماذا؟ لأن الذين قاموا على صنعها نقلوها بالكامل أو نقلوا معظم مادتها اللغوية من القواميس القديمة. ومن المعروف أن القاموس يعتبر مجمعا لغويا لمرحلة معينة من تطور اللغة. والحق يقال إن أجدادنا العرب كانوا متميزين للغاية في وضع القواميس التي كانت تلبي حاجة المجتمعات في عصرهم، ثم حدث أن تطور اللغة قد تجاوز القواميس التي وضعوها، وعندما وصلت إلينا كانت مليئة بكلمات، بعضها حي، وبعضها انتهي استعماله، ومع ذلك قمنا بوضع هذا وذاك في قواميس مصغرة، مثل (مختار الصحاح) الذي تم اختصاره من معجم الصحاح للجوهري (المتوفى سنة 393 ﻫ) وحتى عندما قام بعض السادة العلماء بوضع قواميس جديدة مثل (الوجيز) و (الوسيط) وهما من أعمال مجمع اللغة العربية بالقاهرة، فقد ظل الخطأ مستمرا، وهو نقل مواد القاموس، وكذلك معاني تلك المواد من القواميس القديمة دون أي تدخل في كثير من الأحيان، وهو الأمر الذي انتهي بتلك القواميس (الحديثة) إلى أن تكون نسخة مكررة أو طبق الأصل أحيانا من القواميس القديمة. وسوف أتوقف لأضرب بعض الأمثلة من قاموس (الوجيز) فمثلاً تجد فيه (أحمض المكان: كثر فيه الحمض، وأحمض القوم: أفاضوا فيما يؤنسهم من الحديث والكلام) وبالطبع هذه ألفاظ ومعان بطل استعمالها، أو بتعبير آخر: ماتت من اللغة، ولا شك أن غيرها قد حل محلها، ولا مانع بالطبع من وضعها في قاموس تاريخي لمن يريد البحث عنها كحفريات قديمة، أما أن توضع في قاموس للاستعمال الحديث والعصري فهذا ما لا يعقل أو يليق. ومثال آخر (ثجر التمر أي خلطه بتفل البسر، وثجر الشيء أي غلظ وعرض، والثجرة وسط الشيء. والثجير تفل كل شيء يعصر كالعنب وغيره) وبالطبع هذه كلمات ومعان رفعت كلها من الاستعمال الحديث والعصري، ولم يكن من اللازم أبدا وضعها في قاموس، المفروض أنه مختصر، تستخدمه الأجيال في الوقت الحاضر.


ولا شك أن المشكلة هنا أو المأساة هو أننا لم نستطع حتى الآن أن نقيم فاصلاً بين اللغة العربية القديمة التي توقف استعمالها، وبين اللغة العربية الحديثة المستعملة حاليا. وليس معني إقامة هذا الفاصل أن نمحو اللغة القديمة تماما وإنما أن نرجع إليها فقط عندما تكون متصلة باللغة الحديثة، وتساعد على فهمها.


والواقع أن عددا كبيرا جدا من مفردات اللغة العربية القديمة ومعانيها مرتبط بالبيئة البدوية التي نشأت فيها، ولا شك أنه يختلف كثيرا عن الألفاظ والمعاني التي تدور في المجتمعات العربية الحضرية والحديثة. وتلك حقيقة مازال يخشى علماء اللغة مواجهتها بالصراحة والشجاعة اللازمتين. فمثلا عندما يقول إنسان تربي وعاش في المدينة (هنا مربط الفرس) فإنه يستخدم عبارة بدوية كاملة الدلالة في بيئتها التي نشأت فيها، ولكنها لا تعني له أكثر من كليشيه مصكوك، تلقاه من غيره دون أن يشارك في صنعه. وكذلك عندما يقول (نار على علم) أي على جبل، فإن هذه العبارة صحراوية قديمة لا علاقة لها على الإطلاق بإنسان المدينة!


والخلاصة أننا إذا أردنا أن نضع قواميس عصرية لابد من أن نعيد جمع اللغة التي يتكلمها الناس بالفعل، ويكتبها المفكرون والأدباء والعلماء والإعلاميون، وأن نحدد مداخلها اللغوية، ونبلور معانيها التوضيحية، وأن نكثر من الأمثلة النموذجية، ونضع الصور الفوتوغرافية التي تقرب ما لا ندركه بسهولة، ونستبعد الصور التي لا داعي لها (مثلما يحدث حاليا عندما يترك القاموس صور الحيوانات الغريبة، ويضع لنا صورة تمساح أو أرنب) !!


*****

 

التعليقات (1)Add Comment
0
...
أرسلت بواسطة عبدالهادى الحفناوى , نوفمبر 24, 2016
أحسنت سعادة الدكتور
لعلهم أن يأخذوا بهذا المقترح

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الجمعة, 26 يونيو 2015 20:58