عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
رحلتى إلى الصين صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الثلاثاء, 09 يونيو 2015 21:43

رحلتى إلى الصين

 


ذهبت إلى الصين بدعوة رسمية فى احتفالها المهيب بإعلان اللغة الصينية لغة عالمية . وكانت مدة الزيارة يومين فقط ، مع أن الانتقال بلطائرات عن طريق مطار دبى يستغرق يوما بليلة ! لكن المستشار التعليمى الصينى بالقاهرة أتى لى بدعوة إضافية من ( أكاديمية العلوم الاجتماعية ) هناك باستضافتى لمدة أسبوع كامل . وقد صحبنى فى تلك الرحلة زميلى الفاضل أ.د. هشام المالكى ، أستاذ اللغة الصينية وآدابها بكلية الألسن ، مما سهل لى نوافذ الاتصال مع كل من قابلتهم فى الصين .


بكين العاصمة مدينة ضخمة جدا، وقد أًصبحت متجددة بالكامل .وقلما تشاهد فيها تلك المبانى التقليدية القديمة التى تشبه الأكواخ ، وإنما عمارات شاهقة الارتفاع بحيث يصعب على الناظر إليها من الشارع أن يستوعب أدوارها العليا !


وفى جامعة بكين ألقيت محاضرة عن التطرف والإرهاب ، أصغى لها الأساتذة الصينيون جيدا ، وأجروا معى بعدها حوارا معمقا . وعندما عرضوا على زيارة المعالم االتارخية ، قلت لهم إننى شبعان من التاريخ !


ــ فماذا تريد أن ترى فى بلادنا ؟ قلت : الشوارع والبشر ، وكذلك وادى التكنووجيا المتطورة . وقد سمحوا لى بكل ذلك ، بالإضافة طبعا إلى الجلسات الحوارية الممتدة التى كانت تجرى فى الأكاديمية بكل من بكين وشنغهاى أو على موائد الطعام ، وهذه كانت تستمر لساعات .


مجموعة من الملاحظات تجمعت عندى بعد زيارة الصين التى استغرقت أكثر من عشرة أيام ، قضيت معظمها فى العاصمة بكين ، وبعضها فى المدينة الصناعية والتجارية المزدهرة شنغهاى .


وأولى تلك الملاحظات أن الصين قد وضعت أقدامها بثبات على طريق التقدم ، وراحت تخطو فوقه بخطوات طويله ومسرعة. يظهر ذلك من حالة العمران الواسعة التى راحت تنتشر فى معظم أنحاء مدينة بكين سواء على مستوى المنشآت الحكومية أو الصناعية والتجارية أو على مستوى مساكن المواطنين. وكلاهما أقيم بطراز معمارى بالغ الروعة والأناقة ، ويضم العديد من الأبراج العالية التى تستوعب آلاف الأسر ، وتقضى على أى أزمة إسكان.


والملاحظة الثانية : أن سوق العمل المزدهر يستوعب أعدادًا هائلة من الشباب ، الذين يبذلون أقصى جهودهم من أجل المزيد من الإنتاج ، وتنويع مجالاته ، ودقة مصنوعاته . أما سن المعاش للرجال فهو ستون عاما ، وللنساء خمس وخمسون . ومن أطرف ما سمعت أن الموظف يمكن أن يتقاعد مبكرا ويترك مكانه لابنه إذا كان متخصصا فى مجال عمله .


الملاحظة الثالثة : أن الصين التى يبلغ عدد سكانها مليارا وثلاثمائة مليون نسمة تدفع جميع أبنائها وبناتها إلى العمل ، الذى يبدأ فى المدن من الساعة الثامنة صباحا ويستمر حتى الخامسة ، يتوسطه ساعة للغداء فى الثانية عشرة ظهرا . وبعد العمل ينتشر الصينيون فى المطاعم ليجلسوا يتحدثون ويتضاحكون وهم يأكلون لمدة ساعة أو أكثر . الأكل عندهم كما يقولون ثقافة ، وليس مجرد التهام طعام !


الملاحظة الرابعة : أن التخطيط الجيد للمشروعات يأخذ وقته ويجرى بدون استعجال ، وقد حدثنى نائب رئيس أكاديمية العلوم الاجتماعية فى شنغهاى أنهم قد يستمرون فى دراسة مشروع لمدة عشر سنوات قبل أن يبدأ تنفيذه . لكنهم عندما ينفذونه فإنهم ينجزونه بأسرع ما يمكن . أضخم برج لديهم لا يزيد وقت تشييده عن 24 شهرا .


الملاحظة الخامسة : أن نظام التعليم عندهم يحقق الفوائد المرجوة منه، فهو يعد التلاميذ والطلاب للعمل فى مختلف مجالات للتنمية التى تحتاجها البلاد. والتعليم إلزامى ومجانى حتى الخامسة عشرة أى الإعدادية ، وبعده ينقسم إلى تعليم فنى بمصروفات أعلى ، وتعليم ثانوى بمصروفات أقل. وهذا الأخير يمهد لدخول الجامعات ، أما الالتحاق بالكلية المرغوبة فلا يتم إلا بعد اجتياز امتحان مسابقة. ولها كتب يمكن الاستعانة بها على النجاح. وكل الجامعات الحكومية بمصروفات ، قد تصل أحيانا إلى ما يعادل ألف وخمسمائة دولار فى العام . كذلك الدراسات العليا مكلفة جدا. وكل هذا قد تم إقراره بسهولة وحسم. فالتعليم لكى يكون جيدا لابد له من إمكانيات مادية وبشرية مناسبة. وهذه لا تتوافر إلا من خلال تمويل كاف ومنتظم . وبالنسبة للطلبة غير القادرين فإن البنوك تقرضهم بحيث يسددون تلك القروض بعد التخرج والالتحاق بعمل .


الملاحظة السادسة : أن حضارة الصين القديمة ما زالت ماثلة فى حياتها الحديثة والمعاصرة . فلم يحدث انقطاع كما حدث لدينا فى مصر ، حيث انقطعت الأواصر تماما بحضارتنا القديمة. أما الصين فيمكنك أن تجد الهدايا التى يتبادلها الناس ترجع عناصرها وأشكالها لثلاثة آلاف سنة ، وأن هذه الأكلة أو تلك كان يتناولها الصينيون قبل ألف عام. والمهم أن هذا التراث القديم يتداخل مع بعض عناصر الحياة الغربية الحديثة التى لا يوجد حولها أى اعتراض من الشعب الصينى . الكلام قليل جدا ، اما العمل فمستمر..


الملاحظة السابعة : أن مصر والصين معا لم يطورا حتى الآن وسيلة طيران سهلة ، ويمكنها أن تختصر المسافة الزمنية إلى أقل مما هو موجود حاليا . فقد اضطررت لكى أصل إلى بكين أن أستقل ثلاثة طائرات تستغرق خمسة عشرة ساعة ، وما يوجد فى كل مطار من انتظار وطوابير وتفتيش وإجراءات أمنية. يعنى الرحلة تستغرق يومين ، يخلوان تماما من ليلة كاملة تضيع فى فروق التوقيت بين البلدين.


الملاحظة الثامنة : أن سفارة مصر فى بكين لا يوجد بها مستشار تعليمى وثقافى بينما يوجد هذا المنصب فى كل من اليمن وليبيا ، مع أن العلاقات الثقافية مع الصين تتطلب قنوات كثيرة وفعالة لتدعيمها خاصة وأن الصينيين جميعا يحبون مصر كحضارة قديمة ، ويقدرون دورها فى المنطقة العربية ، وكنافذة مفتوحة على القارة الأفريقية كلها .


الملاحظة التاسعة : أن تجربة الصين فى التنمية نموذج جيد يمكن محاكاته فى مصر ، وخاصة فى مجالات العمل ، والشباب ، والإسكان ، وتنمية الريف . وقد أن الأوان فى رأي لنستفيد من التجربة الصينية بعد ذلك الوقت الطويل الذى قضيناه فى محاولة الاستفادة من النموذج الأوربى أو الأمريكى ، والذى لم ينجح حتى الآن عندنا !


الملاحظة العاشرة : أن الوقت قد حان بالفعل لكى نأخذ معلوماتنا عن الصين من الصين مباشرة ، وليس عن طريق وسيط آخر هو الغرب. وهنا يبرز دور وسائل الإعلام التى يمكنها أن تنقل للشعب المصرى مظاهر التقدم والنهضة الحضارية الحديثة التى تشمل الصين كلها ، سواء فى المدن أو فى الريف الذى يضم وحده ثمانمائة مليون نسمة ، ومع ذلك استطاع أن يحقق الاكتفاء الذاتى من الحبوب !

 


عودة

 

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الثلاثاء, 09 يونيو 2015 21:44