عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
الشيخ ونصيحته صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
السبت, 28 مارس 2015 14:32

الشيخ ونصيحته

 

 


كان الشيخ جالسا فى المسجد

مستندا على أحد أعمدته الرخامية

وبيده مسبحة طويلة ، حباتُها من خشب الصندل

أما لحيته الممشوطة جيدا فكانت فى بياض الثلج

وحول وجهه استدارت هالة من ضوء القمر

اقتربتُ منه بهدوء

وسلمتُ عليه مقبلا يده اليمنى

ربتَ على كتفى بيده اليسرى

وأشار إلى أن أجلس فى مواجهته

كانت فرصة نادرة ..

أن أجده وحده بدون مريديه الذين يحيطون به

وكذلك بدون أصحاب الحاجات ،

الذين يزدحمون دائما حوله

نظر إلى بعيون مستديرة ولامعة

نظرة كلها عطف وشفقهْ

وأشار إلى أن أجلس فى مواجهته

كان يعنى ذلك أنه يسمح لى بالكلام

أسرعت قائلا :

- أنا مرهق جدا يا مولانا !

انتظر حتى اشرح

قلت :

- لقد تتابعت علىّ المصائب ، وانسدتْ كلُّ الطرق

ولم أعد أُطيق رؤية الناس

تصوّرْ يا مولانا أنني كثيرًا ما أتسلل

إلى أحد الكهوف بجبل المقطم

وأجلس فيه الساعات الطوال ..

وأقسم إننى أشعر هناك ببعض الراحة

لكننى حين أنزل إلى المدينة ، وأستقر فى بيتى

يعود كل شيء إلى ما كان عليه !

----

أنصت الشيخ إلى كل ما قلته بألفاظى المتعثرهْ

لاحظتُ أنه لم يفاجأ

لكنه ظل صامتا لفترة طويلهْ

ثم أمسك بيدى ، وقال :

- مشكلتك يا بنى ليست صعبهْ

أسرعت مقاطعا :

- كيف يا مولانا ، وقد كدت أقدم على الانتحار !

انتفض غاضبا ، وقال :

- حاشا لله .. لا تلفظ هذه الكلمة أبدا

واستعذ بالله منها ..

أطرقت فى الأرض مستغفرا

وبعد أن عاد إلى هدوئه ، قال :

- أنصت إلى جيدا يا بنى

إن ما يمر بك هو مجرد ابتلاء

هل تعرف معنى الابتلاء ؟

إنه الامتحان الإلهى الذى يفرز بعض البشر من بعض

ومنه يعلم مستوى انسانيتهم ومقدار تحملهم

ثم يكافئهم على ذلك :

إن لم يكن فى هذه الدنيا الفانيهْ ،

ففى الآخرهْ .

----

وجدتنى وهو يذكر كلمة (الآخرة)

أُشرف على فضاء شاسع

تتحرك فيه كائنات لم أشهد مثلها من قبل

وظل الشيخ يتحدث ، وأنا سارح فى ملكوت آخر

ورحت أرى فى العمود الرخامى الذى يستند عليه

طيورًا خضراء ، وزرقاء ، وصفراء ..

تتماوج صعودا وهبوطا فى الهواء

حتى أن بعضها كان يحط على كتفى !

وتعجبت كثيرًا من اطمئنانها إلىّْ ، وأُنسها بى

وتمنيُت أن أظل معها طوال الوقت ..

ترك الشيخ يدى ، فانتبهت

سمعته يقول لى :

- اتفقنا يا بنىّ

افعل ما أوصيتك به

وقم على بركة الله ..

- بماذا أمرنى ؟

لا أعرف

_ وماذا كان حديثه الطويل لى ؟

لا أذكر

نهضت وأنا أحس بأن شيئا قد مسّ روحى

ورحت ألمس بيدي كل شيء أمر به

وانظر فى وجوه الناس ، فأراها تبتسم

وحاولت جاهدا أن أفكر فى المصائب التى وقعت لى

فلم أعد أجدها ثقيلة وضاغطة كما كانت !

----

بعد ثلاثة أيام

توجهت إلى المسجد لكى أشكر الشيخ

لم يكن هناك مسجد ، ولا شيخ ..

****

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy