ظاهرة الحسد عند الحارث المحاسبى
الحارث المحاسبى (ت 243هـ) () أحد أعلام التصوف السنى . نشأ بالبصرة ، ثم انتقل إلى بغداد ، وأصبح أستاذًا لمدرستها الصوفية ، إلا أن شخصيته قد تركت آثارها على التصوف الإسلامى كله .
عاش المحاسبى فى القرن الثالث الهجرى ؛ أى أنه عايش تلك الحركة الثقافية النشطة التى كانت نتيجة لتفاعل الحضارة الإسلامية مع حضارات العالم القديم ، وبخاصة فى مجال الفلسفة اليونانية ، والتراث الدينى للفرس والهنود .
وبينما كان المعتزلة ، الذين نجحوا فى ضم الخليفة العباسى المأمون إلى جانبهم ، منهمكين فى نشر آرائهم الخاصة بمسائل علم الكلام ، ومستعينين فى ذلك بمنهج اليونان الجدلى ، وبأدلة عقلية خالية من دفء العقيدة .. راح المحاسبى يلقى دروسًا من نوع مختلف تمامًا على تلاميذه فى بغداد .
كان يتحدث فى الإخلاص ، وفى الورع ، وفى الزهد ، وفى الخشوع الخالص لله . وكان يتحدث فى محبة الله ، والأنس به ، والقرب منه ، وكان يتحدث فى هيبته ، وجلاله ، وعظمته . وكان حديثة عذبًا ، طلقًا ، ساميًا ، فكانت تخشع له الأفئدة ، وتلين له القلوب ، وتسيل له الدموع ، ويتذكر الناس ما لله من فضل ، فترق قلوبهم ويتعاهدون على الاستقامة !
وملأت سمعة المحاسبى أرجاء بغداد ، ثم عبرتها إلى جميع أرجاء العالم الإسلامى ، وكلما أخذت شهرته فى الازدياد كثر خصومه وأعداؤه ، ولكنه كان يسير فى طريقه ثابت الخطى ، لا يعنيه سوى أن يكون الله راضيًا عنه !
وتكشفت له الحجب ، وزالت عنه المساتير ، ووصل إلى المعرفة الحقة، فأعلن طريقها. وطريقها ليس حسًا يخطئ ، وليس عقلاً يضل ، وإنما هو : بصيرة وضاءة وروح صافية"() .
هذا ، وقد وصلنا من إنتاج المحاسبى ثلاثة كتب ، فضلاً عما يوجد متناثرًا فى كتب التصوف وطبقاته من أقوال منسوبة إليه() .
والكتب الثلاثة هى :
- التوهم : وفيه يتناول شعورى الخوف والرجاء اللذين ينتابان الإنسان ، وهو فى مفترق طريقى الجنة والنار .
- الوصايا : وفيه يكشف عن تجربته الخاصة فى الوصول إلى الحقيقة ، بين التيارات الثقافية والدينية العديدة التى كانت موجودة فى عصره . ويمكن أن يعد هذا الكتاب بداية رائدة للغزالى عندما قام بمحاولته المماثلة والمكتملة فى كتاب "المنقذ من الضلال" .
- الرعاية لحقوق الله : وهو أكبر كتبه وأشهرها . تناول فيه مفهوم التقوى ، وكيف يحاسب الإنسان نفسه على أقواله وأفعاله ، وما يبعث الإنسان المذنب على التوبة ، وكيف يتوب ، كما حلل ظاهرة الرياء : دوافعه ، ومظاهره وطريقة التخلص منه . وتعرض لموضوع الصحبة ، مبينًا كيف ينجو الإنسان من أصدقاء السوء ، وخاصة إذا خاف معهم على دينه . وقدم محاولة طيبة فى استبطان النفس ، ونبه على مواطن الشر فيها ، وحذر من الاقتداء بأهوائها . ودرس بالتفصيل شعور العجب البغيض ، وعدد مظاهره فى مجالات كثيرة مثل الدين ، والعمل ، والرأى ، والحب ، والمال . وبنفس الأسلوب درس ظاهرة الكبر ، وشرح وجوهه ، وحض على ضرورة النجاة منه . ثم عرض لاغترار كل إنسان بعمله ، سواء كان هذا العمل عبادة ، أو عملاً دنيويًا ، أو رأيًا عقليًا .. ونبه إلى اطمئنان الناس جميعًا بفسحة الأجل، وزيف هذا الإحساس . ثم عرض لموضوع الحسد ، الذى سنتناوله بالدراسة، ثم ختم الكتاب بنبذة يسيرة عن أسلوب تربية المريد ، ورعايته من حيث الظاهر والباطن ، حتى لا ينحرف عن طريق الحق .
هذا عرض مركز لكتاب الرعاية الذى يعتبر أهم ما كتب فى الإخلاص، وتطهير النفس ، والحياة الأخلاقية الكاملة . وقد بلغ فى تحليل نزعات النفس ، ونزعات الهوى حدًا لا يجارى ، وعنه يقول المستشرق الفرنسى ماسنيون :
"إن المحاسبى سما فيه بالتحليل النفسى إلى مرتبة لا نجد لها مثيلاً فى الآداب العالمية إلا نادرًا" .
والواقع أن الدراسة التى قدمها المحاسبى لظاهرة الحسد على المستويين النفسى والاجتماعى – تعد من أمتع فصول الكتاب() . وقد تمكن من الكشف عن أدق تفاصيل هذه الظاهرة ، ذات الجذور البعيدة فى أعماق الإنسان ، كما استطاع بثقافته الدينية المستوعبة من تحليلها تحليلاً بارعًا ، مع دعمها بالنماذج الاجتماعية والشواهد التاريخية . وأخيرًا فإن الجو الروحى الشفاف الذى أحاطه بها دليل آخر على إعطاء ظاهرة الحسد – كما درسها المحاسبى – أهمية كبرى فى مجال الأخلاق الإسلامية بوجه خاص ، وفى مجال الدراسات النفسية والأخلاقية بوجه عام .
وقد أطلق المحاسبى على بحثه عنوان "كتاب الحسد" ثم قسمه إلى تسعة أبواب ، تتوالى على النحو التالى :
1- باب فى ذكر الحسد ، ووصفه ، وتفسير محرمه من مباحه .
2- باب من الحسد ، وليس بالحسد بعينه .
3- باب ما يكون من الحسد على الرياسة وحب المنزلة .
4- باب ما يكون من الحسد عن الحقد والعداوة والبغضاء .
5- باب ما يكون من الحسد عن حب ظاهر الدنيا .
6- باب ما يكون من الحسد عن العجب .
7- باب متى يعلم العبد أنه قد نفى الحسد .
8- باب الرد على من قال : إن الحسد بالجوارح .
9- باب هل على الحسد مظلمة للمحسود عند الحاسد ، إذا أصابه ما تمناه له ، أو هو ذنب بينه وبين الله عز وجل .
وبقدر يسير من التصنيف يمكن أن نكشف عن خطوات المنهج الذى اتبعه المحاسبى فى دراسة ظاهرة الحسد ، وسنجدها على الوجه التالى :
1- تحديد مفهوم الحسد ، والتفريق بينه وبين المنافسة .
2- موضوع الحسد : النفس أم الجوارح .
3- علاج داء الحسد .
4- دوافع الحسد .
5- الجزاء الأخلاقى للحسد .
ونلاحظ أنه مع نقل الخطوة الرابعة إلى مكانها الطبيعى بعد الخطوة الأولى ، ثم وضع الخطوة الثانية فى مكان الرابعة ، يصبح المنهج متسقًا من الناحية الموضوعية إلى حد كبير .
فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى طريقة المحاسبى فى معالجة الموضوع وجدناه :
أولاً : يستخدم طريقة الحوار . ومما يلفت النظر هنا أنه يقوم بدور السائل دائمًا فيستعمل كلمة : "قلت" فى حين يقدم الأجوبة على لسان مسئول مجهول مفتتحة بكلمة "قال .." .
وقد نجحت هذه الطريقة فى تحقيق النتائج التالية :
- تحليل الموضوع إلى أبسط عناصره .
- الإحاطة بمعظم هذه العناصر ، قدر الإمكان .
- تحقيق المشاركة العقلية والنفسية لدى المتلقى الذى تتولد فى ذهنه الأسئلة وهو يقرأ ، كما ينمو لديه الفضول العلمى إلى معرفة الإجابات ، وهو يتابع.
ثانيًا : يعتمد المحاسبى فى الاقتباسات التى يوردها شرحًا لنقطة غامضة ، أو تأكيدًا لمسألة مختلف فيها – على كل من القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وأخبار السلف وأقوالهم من الصحابة والتابعين ، ثم على بعض المفاهيم المصطلح عليها لمفردات اللغة العربية .
وحقيقة ، لا نكاد نعثر على أثر أجنبى واضح ، لدى المحاسبى، فى دراسة ظاهرة الحسد . اللهم إلا فى فكرة واحدة سنشير إليها فى موضعها . ومع ذلك ، لا يمكن إغفال الإشارة إلى أن المنهج ذا الخطوات المتسقة والأفكار الجزئية المرتبة الذى سار عليه المحاسبى – ليس يبعد كثيرًا عن "روح التأليف" التى بدأت تسود العالم الإسلامى فى القرن الثالث الهجرى ، والتى أسهم المعتزلة – خصوم أهل السنة والصوفية معًا – بنصيب كبير فى إشاعتها().
ثالثًا : اللغة التى استخدمها المحاسبى لغة واضحة ، بعيدة عن الغموض ، خالية من التعقيد . وعلى الرغم من أنه يميل إلى الشرح والتطويل ، فإن عباراته دقيقة ، وكلماته مختارة بعناية لتحديد المعنى المطلوب .
الحسد والمنافسة :
اعتمد المحاسبى فى بيان مفهوم الحسد على كل من القرآن الكريم والسنة النبوية ، والمصطلح اللغوى . وعن طريق استقراء هذه المصادر الثلاثة. استطاع أن يكشف عن نوعين من الحسد ، وصفهما وصفًا شرعيًا ، فسمى الأول : الحسد المحرم ، والثانى : الحسد غير المحرم .
أما الحسد غير المحرم فهو ما يعرف بالمنافسة . قال الله تعالى : ( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) () وقال : ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ )() ولا تكون المسابقة من العبد إلا أن يسابق غيره .
وقال النبى : "لا حسد إلا فى اثنتين : رجل آتاه الله ، عز وجل ، مالاً ، فسلطه على هلكته فى الحق ، ورجل آتاه الله ، عز وجل ، علمًا ، فهو يعمل به ، ويعلمه الناس" فقوله : "إلا فى اثنتين" أن الحسد فيهما جائز .
ويوضح المحاسبى المنافسة بأن يرى الإنسان بغيره نعمة ، فى دين أو دنيا ، فيغتم ألا يكون أنعم الله عليه بمثل تلك النعمة . فيجب أن يلحق به ، ويكون مثله ، لا يغتم من أجل المنعم عليه نفاسة منه عليه ، ولكن غمًا ألا يكون مثله .
ثم يصنف هذه المنافسة إلى أربعة أصناف : أولها فرض واجب ، والثانى فضل أو تطوع ، والثالث مباح ، والرابع غير جائز .
وتتمثل المنافسة الواجبة فى أن يرى الإنسان أحدًا يؤدى ما فرضه الله عليه ، وينتهى عما نهاه عنه ، فيحب أن يكون مثله ، ويتمنى ذلك . فهذا هو الغرض الذى ينبغى أن يحاسد الإنسان فيه غيره ، بل إن عدم الشعور بذلك يعد من المعصية .
أما منافسة التطوع ، فتبدو من رؤية الإنسان أحدًا يزيد عما كتب عليه من الفرائض ، ويلزم نفسه بأكثر مما نهى عنه من المحرمات ، فيتمنى أن يكون مثله ، ويحب أن يلحق به ، فذلك فضل منه وتطوع .
ويلاحظ المحاسبى أن هذين الصنفين يتعلقان بالأمور الدينية . وعليهما يحض المحاسبى ، أما النوعان الآخران فيختصان بأمور الدنيا ، وعنهما ينهى المحاسبى .
فأولهما : المنافسة المباحة ، ، وهو أن يرى الإنسان شخصًا يتنعم فى حياته بما أسبغ الله عليه من الحلال ، فيغتم ألا يكون مثله ، ويحب أن يوسع عليه كما وسع على من نافسه ، وأن يلحق به فيكون متنعمًا مثله ؛ فذلك مباح له ، وليس بمحرم عليه ، وإنما هو نقص فى الفضل وانحراف عن الزهد المطلوب .
وثانيهما : المنافسة غير الجائزة . وهى أن يرى الإنسان أحدًا يكتسب الحرام ، وينفق ماله فيما لا يحل له ، ويرتكب المعاصى ، ويتلذذ بها ، فيغتم ألا يكون مثله ، ويحب أن يصيب من المال واللذة مثل ما أصاب ؛ فذلك منه لا يجوز ، وإنما كان كذلك ؛ لأنه تمنى الحرام ، وأحبه .
ويستشهد المحاسبى على هذا الصنف الأخير يقول رسول الله : "ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه فى معاصى الله ، عز وجل ، ورجل لم يؤته الله، عز وجل ، مالاً ، فيقول : لو أن لى مثل مال فلان كنت أعمل فيه بمثل عمله ، فهما فى الوزر سواء" .
وأخيرًا ، يحدد المحاسبة مفهوم المنافسة بأنها : كراهة التقصير عن منزلة الغير ، ومحبة المساواة واللحوق به ، مع ترك التمنى : أن يزول على من نافسه حاله التى هو عليها .
وهنا نصل إلى مفهوم الحسد المحرم الذى ذمه الله تعالى ، فى كتابه ، والرسول ، فى سنته ، واجتمع على التنفير منه علماء الإسلام ، وهو : كراهة النعم أن تكون بالناس ، ومحبة زوالها عنهم.
قال الله تعالى : ( وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم) () وقال : ( إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ) ().
وقالت صفية بنت حيى للنبى : جاء أبى وعمى من عندك، فقال أبى لعمى : ما تقول فيه ؟ قال : أقول إنه النبى الذى بشر به موسى ، قال : فما ترى ؟ قال : أرى معاداته أيام الحياة ! () .
ثم ينتقل المحاسبى إلى الاستشهاد بالسنة ، فيروى عن الرسول ، قوله : "لا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانًا" كما أخبر ، أن الحسد سيصيب المسلمين كما أصاب الأمم السابقة ، فقال : "دب إليكم داء الأمم : الحسد والبغضاء".
وأخيرًا يستشهد المحاسبى بأقوال الصحابة ، فيروى عن أبى قلابة قوله : "ما قتلوا عثمان ، إلا حسدًا" أى حسدوه على الخلافة فأحبوا أن يزيلوها عنه .
كما يروى عن الحسن أنه عندما سئل : أيكون المؤمن حسودًا ؟ قال : لا أبا لك ، ما أنساك بنى يعقوب .. فعلوا بأخيهم ما فعلوا !
ويمسك المحاسبى بهذه الإجابة ؛ ليقدم لنا صورة حية من الحسد ، كما رواها القرآن الكريم ، فيقول : "ثم أخبرك عن إخوة يوسف ، حين حسدوا ، فعبروا بألسنتهم عما فى قلوبهم من حسده ، فقالوا : ( لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ .
اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ) () فكرهوا خصوصية أبيه له بالحب من بينهم ، وأرادوا أن يزيلوا حب أبيه له ، وبره به ، وتفضيله إياه عليهم ؛ بأن يغيبوه عنه، فيقبل بالحب عليهم والبر ، ويزول ذلك عن يوسف ، فقالوا : "يخل لكم وجه أبيكم" ليكون لهم إذا غاب ، حسدًا له على حب أبيه ، وبره ، وتفضيله إياه" .
موضع الحسد :
لا يوافق المحاسبى على وجهة النظر الشائعة التى ترى أن الحسد يكون بالجوارح أى بالعين ، ويعتمد فى نقدها على حجتين :
الحجة الأولى :
لغوية ، وتقوم على استقراء النصوص القرآنية التى وردت بشأن الحسد، ومنها يلاحظ أن القرآن استعمل دائمًا ، فى وصف شعور الحسد الذى يتملك الكفار وأهل الكتاب ، لفظة "ود" وهو فعل قلبى ، يختص بالأحاسيس والمشاعر حسب مدلول اللغة العربية .
الحجة الثانية :
عقلية ، وتقوم على التفرقة بين الحسد والآثار المترتبة عليه . الحسد شعور قلبى ، أما آثاره فقد تستخدم الجوارح فى التعبير عن هذا الشعور . وذلك كأن يؤذى الحاسد المحسود أذى ماديًا ، أو يكذب عليه ، أو يغتابه ، أو يمنع عنه خيرًا . ولم يقل أحد أن أيًا من الأذى، أو الكذب ، أو الاغتياب ، أو منع الخير هو الحسد .
وأخيرًا ينبه المحاسبى إلى وصف القرآن لشعور الأنصار تجاه إخوانهم المهاجرين الذين ظهرت عليهم آثار النعمة بعد الحرمان ، وهو شعور سام يقف على النقيض تمامًا من شعور الحسد ؛ إذ يقول : ( وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا) () فدلك بذلك أن الحسد فى النفس ، دون الجوارح ، واستعماله بالجوارح عمل مترتب على الحسد ، لا الحسد بنفسه .
دوافع المنافسة :
سبق أن المحاسبي قد فرق بين نوعين من المنافسة : أحدهما ينصب على الجانب الدينى ، والآخر على الحياة الدنيوية .
وهو يرى أن دوافع المنافسة الدينية يأتى من "حب طاعة الله ، عز وجل ، والعزم على القيام بها ، لو أعطى أسبابها التى بها ينالها".
أما دافع المنافسة الدنيوية فيتمثل فى : حب الدنيا ، وحب سعة العيش فيها ، والتنعم بخيراتها .
ويلاحظ أن المحاسبى يمر سريعًا على هذه الدوافع ، دون أن يقدم مزيدًا من التفصيل أو الشرح . وقد يرجع ذلك إلى أنه كان يركز على الحسد المحرم ؛ نظرًا لخطورته على الفرد والمجتمع . أما المنافسة ، فقد دعا إليها فى مجال الدين ، ولم يتشدد على أصحابها فى مجال الدنيا ، بل كان معهم رحيمًا ، أدرك أن حرص الإنسان على الاستئثار بالخير لنفسه غريزة ، وأن التطلع لما فى أيدى الناس طبيعة ، فلم يحاول انتزاع هذه الطبيعة ، أو الوقوف فى طريقها، وإنما ركز اهتمامه على نقطة واحدة ، وهى ألا تنمو بذور الشر فى هذه الطبيعة ، فتثمر الحسد ، حيث تتغذى معظم الرذائل الأخرى .
دوافع الحسد :
ذكر المحاسبى من دوافع الحسد حوالى سبعة أنواع ، اختص بعضها بأبواب مستقلة ، ذات عناوين رئيسية ، وتعرض لبعضها الآخر فى ثنايا بحثه . ويمكن تصنيفها جميعًا على الوجه التالى :
1-الكبر والعجب :
قد يأنف الإنسان أن يرتفع عنه من هو أدنى منه فى مجال دينى ، أو منصب دنيوى ، كذلك قد يأنف أن يساويه ، أو يرتفع عنه من يماثله فى هذه الأمور "فإذا أنف منه ، وازدراه : ورثهُ ذلك الحسد له ، فأحب أن تزول عنه نعمة الله ، عز وجل ، غما أن يراها بمن لا يستأهلها عنده ، وأنفًا أن يكون من دونه – مثله ، أو فوقه" !
ويمثل المحاسبى لذلك بقول قريش ، عندما بعث فيهم محمد إنه غلام يتيم ! وفى القرآن ( وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) () .
ومن ذلك أيضًا ما ورد عن الأمم الماضية حين قالوا لرسلهم الذين بعثوا إليهم ( مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا ) ()و ( أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا ) () فجزعوا أن يفضل عليهم بشر مثلهم ، فحسدوه ، وردوا الحق ، وقالوا : ( أَبَعَثَ اللّهُ بَشَرًا رَّسُولاً ) ()وقالوا : ( لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ ) () تعجبًا وإنكارًا أن يفضلهم من هو مثلهم .
2-حب الرئاسة :
وهو الداء الذى فرق أهل الكتاب ، حسدُا بينهم أن يعلو بعضهم بعضًا فى العلم : كل واحد منهم يحسد صاحبه أن تكون له الرئاسة دونه على الناس ، فيرد كل واحد ما عند صاحبه من الحق ، ويخطئه فيما يقول وإن كان حقًا ، ويظهر أن الحق فى غيره ؛ ليصد الناس عنه ؛ ويطفئ نوره حسدًا أن ترتفع منزلته ، أو يخضع له فيكون عليه رئيسًا .
وبهذا الدافع كفر علماء اليهود بالنبى وهم يعرفون أنه قد جاء بالحق من عند الله ، حسدًا أن يرئسوه عليهم ، وتذهب رئاستهم فى اليهود ، فيكونوا أتباعًا بعد أن كانوا متبوعين !
3-حب المنزلة :
إذا كان التغلب على الجمهور بعامة هو الهدف من حب الرئاسة ، فإن التغلب على شخص بعينه هو الهدف من حب المنزلة ، وهنا يقدم المحاسبى مثالاً ، كثيرًا ما نراه فى حياتنا ، حين يقول :
"يتحاسد الصاحبان فى الحب والمنزلة عند من يصاحبانه ، فيحب أحدهما ألا يفضله عليه فى عمل ولا علم ، ولا يرفعه عليه ، فيخطئه فيما يقول، ويحب أن يهتك ستره عند صاحبه ، ويقع فيه ، ويفطنه إلى سوء الظنون فيه ، ويضع أمره لئلا يكون أحب منه ، وأن يكون الحب والمنزلة له عنده دون صاحبه" !
4-حب ظاهر الدنيا :
وبهذا الدافع يود الإنسان أن ينال مثل ما يراه على غيره من نعم الدنيا المادية والروحية .
أما النعم الروحية فتتمثل فى تطلع الآخ إلى حب والديه الذى يسبغانه على أخ آخر له ، أو تطلع الإنسان إلى ود الأقارب الذى يمنحونه أحد الأفراد العائلة .
وأما النعم المادية ، فتظهر بوضوح فى كل من التاجر والصانع ، يحسد أحدهما الآخر ، ويحب أن يزول عنه المشترى والمستأجر ، فيبايعه (دون صاحبه) ويستأجره . فيحب أن زبائنه صاروا إليه ، وتركوه !
ثم يقول المحاسبى : "وكذلك الضرتان ، والمرأتان" هكذا دون تعليق ! أما الضرتان فمن الواضح أن كلاً منهما تنفس على الأخرى استئثار الزوج بها، وتقربه منها ، وأما المرأتان ، فيمكن أن يتمثل الحسد بينهما فى كراهية إحداهما ما أسبغ على الأخرى من نعمة الجمال أو الثروة ، أو ما يخصها به الناس من الإعجاب .
ومع ذلك فهو يقول : "وقد يخرج الحسد الذى يكون من حب الدنيا كالملك والشرف حتى يقتتلوا ، فيقتل بعضهم بعضًا ؛ حسدًا أن ينال من ملك الدنيا أو شرفها ، أو عزها ، أو إكرام أهلها ما لا ينال صاحبه"() .
5-المشاكلة والمماثلة :
يرى المحاسبى أن المشاكلة فى النسب ، أو فى القدر ، أو فى الغنى ، أو التجارة ، أو فى الصناعة ، أو فى المناصب – من أشيع دوافع الحسد . فيقول : "يتحاسد بنو الأم ، وبنو الأعمام ، والإخوة أكثر ذلك دون سائر الناس ، فيحسد بعضهم بعضًا ، ولا يكادون يحسدون غيرهم من الغرباء"() .
"وكذلك العالم يحاسد العالم ، ولا يكاد يحاسد غيره . وكذلك أهل التجارات : يسرى الحسد من أهل كل تجارة إلى من شاركهم فيها دون سائرهم من التجار ، كالبزازين (تجار الثياب) يحسد البزاز البزاز مثله ، يسوءه ويغمه ما يرى من نفاق سوقه وأرباحه ، ولا يكاد يحسد الجزارين والصيارفة وسائر الباعة"() .
6-القرب :
يقول المحاسبى : "وكذلك من دنا منه من القرابة أسرع إليه بالحسد ممن تباعد عنه . ومن ذلك ما روى أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبى موسى الأشعرى : "إن الأقرباء يتزاورون ، ولا يتجاورون" ، فالقرب من المجاورة وغيره فى الحسد أسرع .. يحسد القوم عالمهم ، ويعظمون العالم الغريب ؛ لأنه ليس مثلهم ، ولا يساويهم فى النسب والجوار() .
7-الحقد ، والعداوة ، والبغضاء :
يعد المحاسبى هذا الدافع المشتبك أشد دوافع الحسد خطرًا ، وذلك ما وصف الله ، عز وجل ، به الكفار ، وعداوتهم ، وبغضهم للمؤمنين ، فقال : (وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ . إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ) () فأخبر أنهم مبغضون للمؤمنين ، يسوءهم ما يرون بهم من نعمة الإيمان والطمأنينة الروحية ، حسدًا لهم ، لبغضتهم وعداوتهم ، فأخرجتهم العداوة والبغضاء إلى الحسد() .
فالمبغض المعادى لا ينفك من الحسد والشماتة ، وقد يكون عن حسد العداوة والبغضاء : القتل ، وأخذ المال ، والسعاية بمن يحسده ، وهتك ستره ، وغير ذلك . فالمبغض حسده أعظم الحسد وأشده() .
علاج الحسد :
يسير المحاسبى فى علاجه لهذه الظاهرة على منهج مكون من مرحلتين:
الأولى : بيان خطورة الحسد ، وتفصيل أضراره التى تلحق الحاسد فى نفسه ودينه ، ودنياه .
الثانية : تبدأ حيث تنتهى الأولى ، وتتمثل فى دعوة الإنسان أن يتدبر – بعقله – هذه الأضرار ، ويقف أمام نفسه موازنًا بين السلامة منها ، أو التورط فيها ، حتى إذا ما اقتنع بكراهة الحسد ، أمكن له السيطرة عليه ، أو حصره فى أضيق نطاق .
(أ) المرحلة الأولى : أضرار الحسد :
أدرك المحاسبى خطورة الحسد على المستوى الاجتماعى ، وأنه من أهم أسباب اختلاف أفراد الواحدة ، وعوامل تدهورها . كما أنه على المستوى الفردى أصل لكثير من الشرور الأخلاقية التى تترتب عليه ، والعذاب النفسى الذى يصاحبه . وقد كتب فصلاً ممتعًا فى بيان أضرار الحسد ، مركزًا على نقطة هامة ، تتمثل فى أنه يخاطب الفرد ، وهو مدرك تمامًا لغريزة حرصه الشخصى على منفعته الخاصة ، فبين له أن الحسد لا يتفق وهذه المنفعة ، وبضربه على هذه النغمة المادية ، بالإضافة إلى استخدام أسلوب الترغيب والترهيب يمكن أن نقرر نجاح المحاسبى فى محاولته ، إلى حد كبير.
وفيما يلى أهم العناصر التى أدار المحاسبى حولها شرحه لبيان أضرار الحسد ، مع قدر كبير من التركيز :
- الحاسد يغش المحسود المؤمن ، ويشارك بذلك أعداءه من المشركين فى عدواتهم التقليدية للمؤمنين .
- الحاسد يسخط على قضاء الله فى تقسيم النعم والأرزاق على عباده.
- الحاسد لا ينال منفعة دينية أو دنيوية على حسده ، بل على العكس يستوجب غضب الله وسخطه .
- ليس الحسد سببًا مؤثرًا فى زوال النعم ؛ لأن الله ، تعالى ، لا ينفذ مشيئته حسب رغبات الحاسدين ، والدليل على عدم تأثير الحسد أن الله ، تعالى ، أبقى على الأنبياء نعمه ، وكثيرًا ما حسدوا من قومهم، كما أبقى على الأغنياء غناهم ، وحافظ للمؤمنين على إيمانهم يقول تعالى : (وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ ) () .
- الحاسد هو الخاسر ، وليس المحسود ، ويمثل المحاسبى لذلك برجل أراد أن يرمى عدوا بحجر ، فعاد الحجر إلى عينه هو ، وبيان ذلك أن الحاسد كان – قبل أن يحسد – فى (نعمة السلامة من الحسد) فلما تحركت نفسه بهذا الشعور الخبيث فقد تلك النعمة .
- يفترض المحاسبى إمكانية تحول أمنية الحاسد فى المحسود إليه ، نتيجة سخط الله ، ويمثل لذلك بإنسان أراد زوال الإيمان عن آخر ، فزال إيمانه هو ، يقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم ) ().
- الحسد عذاب نفسى ، وغم وجزع يتجددان كلما استمرت النعم على المحسود، ويستفحلان بزيادتها .
- لو تدبر الكافر الذى لا يؤمن بالحياة الآخرة تلك الأضرار السابقة لارتدع خوفًا على سلامة دنياه ، فكيف بمؤمن يعتقد باليوم الآخر ، وما فيه من جزاء على النوايا والأفعال ؟
- الحسد شعور يقويه إبليس فى نفس المؤمن ؛ لأنه لو ترك المؤمن ونفسه لأحب الشخص الذى تظهر عليه النعم ، وخاصة النعم الدينية، فحاول منافسته، وربما لحق به ، ففاز . وإذا لم يحاول منافسته ، فحسبه شعور المحبة ، والمشاركة القلبية . جاء فى الحديث : "أهل الجنة ثلاثة : المحسن ، والمحب له، والكاف عنه" .
- لو أن الحسد يؤثر فى المحسود لكان الحاسد معرضًا هو الآخر لحسد غيره ، "فإن أردت ألا يطيع ربك فيك الحاسدين ، فأنت أهل ألا تحسد عباده ، اتباع محبته ، وشكرًا له على ذلك"() .
المرحلة الثانية : التطهير الأخلاقى :
سبق أن قلنا إن هذه المرحلة تبدأ حيث تتهى الأولى ، ومع ذلك فقد ود المحاسبى لو أنها بدأت مع بداية المرحلة الأولى . فهو يقول : "وإنما سردت لك هذه الخلال التى بها ينفى الحسد ، إن لم تسخ نفسك بترك الحسد بالخلة الأولى، فعسى أن تسخو فتتركه بالخلة الثانية ، فإن لم تسخ بالثانية ، فعسى أن تسخو بالثالثة ، أو الرابعة.." () .
غير أن المحاسبى يدرك تمامًا شراهة الحسد ، وأنه داء "شمل أهل الدين والدنيا" ومن ناحية أخرى فإنه يدرك طبيعة الإنسان الذى يصاب به ، أنه ليس ملاكًا يحلق بأجنحة . فيقول : "إنك لا تقدر أن تسكت عدوك إبليس ، ولا تغير طبعك ، فتجعل نفسك خلقة لا تنازعك إلى حسد من عاداها ، أو تختص بشىء دونها .. ولم تكلف أن تجعل طبع نفسك بهيئة من لا يفعل ، ولا يسهر ، ولا ينازع إلى محبوب ولا مكروه ، فذلك طبع الملائكة"() .
وإذ يقرر المحاسبى أن الإنسان غير مكلف بتغيير طبيعته التى خلق عليها ، فإنه يؤكد أنه مكلف باستخدام عقله الذى اختصه الله به ، وهو يرى أن معرفة أضرار الحسد تحرك شعور الكراهية له ، وتقويه ، وعندما يستحكم هذا الشعور الجديد – تحت رعاية العقل – يصبح الحسد مشلولا فى مكانه المظلم من النفس ، بل ربما ضمر ، وانمحى . يقول المحاسبى : "فإذا كنت للحسد كارهًا ، أبيًا له من قبل عقلك ، فلا تضرك منازعة نفسك به ، وخطرات العدو – يقصد إبليس"() .
هذا ويمكن الإشارة إلى أن فكرة التطهير الأخلاقى عن طريق العقل قد تناولها جالينوس فى كتاب "تعرف المرء عيوب نفسه" الذى ترجمه توما وأصلحه حنين ابن اسحاق ، وفيه يثبت جالينوس أن أخطاء الناس تنتج من شهواتهم ، وعليهم أن يتحكموا فيها بعقولهم ويتسلطوا عليها ، حتى ينجوا من هذا الأخطاء ، والخطأ الأخلاقى يرجع ، فى نظره ، إلى الخطأ العقلى() .
الجزاء الأخلاقى للحسد :
يبين المحاسبى فى نص فريد الجزاء الأخلاقى للحسد ، وخاصة إذا حل بالمحسود ما تمناه الحاسد له ، ثم شعر هذا بالندم ، وتقدم فى طريق التوبة طالبًا الغفران ، فلمن يعتذر ؟ وأمام من يطلب الصفح ؟
ويقرر المحاسبى أن القانون إذا كان لم يحدد للنوايا الشريرة ، ومنها الحسد ، جزاء ماديًا ، فإن الشرع قد تعقبها ، ورصد لها جزاء روحيًا ، ربما كان أقسى على النفس من العقاب المادى !
ومن الأفضل أن نعرض ، فى هذا المجال ، لنص المحاسبى نفسه قصدًا إلى تعرف طريقته ، ولغته ، ثم مدى تحليله لبعض النوايا التى قد تكون غامضة فى أعماق النفس .
"قلت : فإن ساءنى ما رأيت من النعم ، وتمنيت زوالها .. فينزل من البلاء ما يزول عنه ، كالغنى : يزول عنه وينزل به الفقر، أو الصحة : فينزل به المرض ، أو العلم : فيحل به الجهل ، أو العصمة : فيحل به الخذلان ، أو الستر : فيحل به هتك الستر ، ثم ندمت على ذلك ، أيكون للمحسود عندى مظلمة يجب على التحلل منها ؟
قال : أما ما كان من عمل القلب ، ولم تستعمل به جوارحك ، فذلك ذنب بينك وبين الله ، عز وجل ، عصيته به فى عباده ، نهاك عنه وذمه إليك ، فليس عليك فى ذلك للمحسود تبعة ، ولا يجب عليك استحلاله .
فإن خرجت إلى غيبة أهاجك عليها الحسد الذى فى قلبك ، أو تكذب عليه ، أو تغتاله بغائلة تحرمه بها منفعته ، أو تنزل به مكروها، أو أخذ مال لا يحل لك من ماله ، فعليك الاستحلال من ذلك وما أشبهه .
وأما ما لم يعد (أى يتجاوز) القلب فهو ذنب عظيم ، لا يجرى مجرى المظالم التى فيها القصاص بين العباد فى عمل الجوارح فى النفس والأموال والأعراض ، ولرب شىء لا قصاص فيه أعظم من كثير مما فيه القصاص !
وقد جاء فى الحديث : "إن الحسد يأكل الحسنات ، كما تأكل النار الحطب"() .
* *
|