عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
كونفوشيوس الرجل والمذهب صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الأحد, 31 أغسطس 2014 12:52

كونفوشيوس الرجل والمذهب

أ.د.حامد طاهر

عاش الفيلسوف الصيني كونفوشيوس 72 عاما. ويقال إنه ولد من لقاء غير شرعي، لأب من أسرة عريقة وأم فقيرة. وفي بدايته خدم أحد الأمراء، فكلفه برعى الأغنام التي ازدهرت على يديه، فعينه مشرفا على الحدائق العامة بالولاية. وبعد سن العشرين، انتقل إلى ولاية أخرى، حيث أنشأ مدرسة خصصها لأصحاب المواهب لكي يتعلموا فيها أصول الفلسفة الأخلاقية والسياسية، وفيها تخرج آلاف الشخصيات الذين أصبحوا فيما بعد قادة الفكر والسياسة في الصين.
وعندما ذاعت شهرته، أصبح مستشارا لكثير من الولاة والأمراء والنبلاء في الشئون السياسية، كما عمل قاضيا في أحدى الولايات، ثم عين وزيرا للأشغال العامة، وأخيرا عينه حاكم ولاية (لو) رئيسا للوزراء في الولاية، وبفضل حسن إدارته جعلها من أفضل الولايات، الأمر الذي أثار غيرة حكام الولايات الأخرى، فدبروا مكيدة لإفساد حاكمها وحاشيته، استقال على إثرها كونفوشيوس، وراح يتجول في سائر ولايات الصين، مقدما لحكامها النصائح، وبعلم الناس، ويناظر العلماء، حتى توفى سنة 479 قبل الميلاد. وقد أنجب كونفوشيوس ابنا واحدا، توفى في سن الخمسين في حياة والده، لكن ترك حفيدا لجده اسمه (تزوتس) أصبح هو الآخر عالما وفيلسوفا، كما قام بدور هام في نشر فلسفة جده.
يعتبر الصينيون كونفوشيوس نبيا ورسولاً. وأفكاره وتعاليمه هي أساس عقيدتهم التي ظلوا يدينون بها على مدى خمسة وعشرين قرنا، ولم يقابلها سوى البوذية التي نشأت وانتشرت في الهند، ثم انتقلت إلى الصين، وجذبت ما يزيد على ثلث عدد السكان. وقد انزوى مذهب كونفوشيوس عندما طبق النظام الشيوعي في الصين سنة 1949، لكنه عاد في السنوات الأخيرة للظهور بقوة، وخاصة عندما أخذت البلاد بنظام السوق الحر في الاقتصاد، بل إن الدولة الصينية الحالية تسعى لإنشاء مراكز لفكر كونفوشيوس في مختلف عواصم العالم وجامعاتها الكبرى، ومنها جامعة القاهرة.
تتكون مؤلفات كونفوشيوس من خمسة كتب تسمى: الكلاسيكيات الخمسة: هي:
1- كتاب الأغاني أو الشعر.
2- كتاب التاريخ.
3- كتاب التغيرات.
4- كتاب الربيع والخريف.
5- كتاب الطقوس أو التقاليد.
وقد قام تلاميذه بعد ذلك يوضع أربعة كتب أخرى، لتلخيص وشرح هذه الكتب الخمسة، فأصبح لدينا تسعة كتب تمثل المصدر الأساسي لمذهب كوفنوشيوس.
أما أسلوب كونفوشيوس فهو عبارة عن صياغة حكم ومواعظ وأمثال تتناول موضوعات مختلفة، ولا يربطها خيط منطقي موحد. ومع ذلك، فقد استطاع الباحثون الصينيون، ثم الأوربيون فيما بعد، أن يستخلصوا منها مذهبا متكاملاً في السياسة والاقتصاد والدين وغيرها من المجالات. أما السمة الثانية لأسلوب كونفوشيوس فيحددها د. حسن سعفان بأنه كان أول فيلسوف في العالم، قبل أرسطو، يستخدم القياس المتتابع. ومن أمثلته: «إذا فهم الإنسان طبيعة الصفات الأخلاقية فإنه سيفهم كيف ينظم سلوكه الفردي والأخلاقي- وإذا فهم كيف ينظم سلوكه الفردي والأخلاقي فإنه سيفهم كيف يحكم الناس- وإذا فهم كيف يحكم الناس فإنه سيفهم كيف يحكم الأمم والإمبراطوريات».
ويتلخص المذهب الأخلاقي والسياسي عند كونفوشيوس في أن أي نظام اجتماعي صحيح ومتكامل إنما يقوم على تزويد الأفراد بالأخلاق الكريمة، وهذا يتحقق بالتربية والتعليم إلى جانب وجود حاكم على خلق قويم، يكون قدوة لشعبه، ونموذجا يحتذى به الجميع. ويرى كونفوشيوس أن الأخلاق إذا وصلت في المجتمع إلى مستواها المنشود أغنت عن القوانين والتشريعات والقضاء. يقول: «إنك إذا قدت الناس وفق قوانين إجبارية، وهددتهم بالعقاب فقد يحاولون اتقاء العقاب، ولكن لن يكن لديهم شعور بالشرف. ولكنك إذا قدتهم بالفضيلة، ونظمت شئونهم بالتربية فإن علاقاتهم ستقوم على أساس الشرف والاحترام».
ولكي يرسخ كونفوشيوس الأخلاق الحميدة في نفوس الناس، استعان بالموسيقى وبعض الفنون التي تؤثر في الجماهير كالشعر والغناء والرقص، كما استعان بالطقوس الدينية القديمة والعادات والتقاليد التي تؤلف بين الأفراد وتشعرهم بالوحدة والتضامن. أما مصدر القانون الأخلاقي فيؤكد كونفوشيوس بأنه: الله أو السماء، فهو الذي شرع الأخلاق ونظمها، وجعلها ثابتة لا تقبل التغير. وقد أودع الله في كل إنسان جوهر الأخلاق من خلال منْحه العقل. فكل فرد منا يشعر شعورا واضحا بأن هذا العمل أو ذاك أخلاقي أو غير أخلاقي. وحين يخطئ بعض الناس في معرفة الخير والشر فإن التعليم يُسرع بتقديم التعريف والتوجيه اللازمين لهم.
ويرى كونفوشيوس أن الفرد إذا ما تم تعليمه وتربيته أخلاقيا، فإنه ينقل ذلك إلى أسرته، والأسرة إلى المجتمع، والمجتمع إلى الإنسانية كلها. وهو يحدد عشرة فضائل لاتخاذها أساسا لعلاقات الأفراد:
1- عطف الوالد على أولاده.
2- احترام الابن لأبيه.
3- معاملة الأخ الأكبر لأخيه الأصغر باللين.
4- خضوع الأخ الأصغر للأكبر، مع احترامه له.
5- تحلي الزوج بحسن الخلق.
6- طاعة الزوجة لزوجها.
7- حسن معاملة الكبار للصغار.
8- طاعة الصغار للكبار.
9- حسن معاملة الحاكم لرعاياه، وعطفه عليهم.
10- إخلاص الوزراء والولاة في أداء مهامهم.
أما الحاكم فيحدد له تسعة أخلاق، تتلخص جميعا في أن يكون «أبا الشعب»، يكرس نفسه له، ويعطف عليه، ويستمع لصوته «لأن ما تراه السماء وتسمعه ليس شيئا آخر غير ما يراه الشعب ويسمعه، وما يعتبره الشعب جديرا بالثواب والعقاب هو ما تعتبره السماء جديرا بالثواب والعقاب. فهناك اتصال وثيق ومستمر بين السماء والشعب. وعلى من يرون أمور الشعب أن يراعوا ذلك ويتدبروه».
والواقع أن كونفوشيوس يربط في منظومة ثلاثية بين الله والحاكم والشعب. فهو يرى أن بقاء الحاكم يتوقف على رغبة الله وإرادته، وإرادة الله هي إرادة الشعب. فإذا نال الحاكم عطف الشعب وحبه فإن الله السامي ينظر إليه بعين الرضا ويوطد عرشه، أما إذا فقد حب الشعب وعطفه فإنه يصب غضبه عليه، ومن ثم يفقد دولته».
وبالنسبة إلى مذهب كونفوشيوس الديني، فليس يمكن القول بأن الفيلسوف الصيني قد جاء بدين جديد، لأنه يعترف بكل الأديان التي كانت شائعة من قبله في الصين، بل إنه استمد منها بعض العناصر، وأدخلها في بناء مذهب متكامل يقوم على أساس أن الله أو السماء هو صانع هذا العالم، بكل ما فيه، وفق قواعد منتظمة لا تتخلف، وهي تكون في مجموعها القانون الإلهي في الطبيعة، الذي يقابله القانون الأخلاقي في الإنسان. فكما يوجد نظام مستقر للشمس والقمر والنجوم والبحار والجبال.. توجد في الإنسان سبعة انفعالات رئيسية هي: الفزع والغضب والحزن والحب والكره والخوف والرغبة.
وتتمثل الرغبة في ميل الإنسان إلى الأكل والشرب والجنس، كما يتمثل الخوف في الخشية من الموت والفقر والألم. وهكذا فإن كلاً من الرغبة والخوف يلخص القوى الدافعة للعقل أو القلب الإنساني التي تقربه أو تبعده من القانون الأخلاقي، الذي هو نظير القانون الطبيعي. والنتيجة أن الإنسان العاقل هو الذي يوازن بين هذين القانونين بحيث يجعلها يتطابقان ويتكاملان، بدلاً من أن يتعارضا أو يتناقضا..
إن الدين أساسي في قيام المجتمع الناجح. والطقوس وتقديم القرابين هي التي توحد بين أفراده، وتشيع بينهم روح التضامن والألفة، كما تقرب بينهم بالمودة والحب. وقد حاول كونفوشيوس أن يرطب حياة الناس الجافة بالموسيقى إلى جانب بعض الفنون الأخرى كالشعر والغناء والرقص، لكي يرهف مشاعرهم، ويهذب حركتهم، ويعودهم الإيقاع المنتظم بهدف تقريبهم من القانون الإلهي في الطبيعة، الذي يتوازى تماما مع القانون الأخلاقي في الإنسان. وبهذا الشكل استطاع أن يقدم للصينيين مذهبا تقوم أركانه على الأخلاق والسياسة والطقوس الدينية المتوارثة، ثم الآداب والفنون.. وهو الأمر الذي جعلهم يعتبرونه «دينا» مازالوا يتمسكون به حتى اليوم.

التعليقات (3)Add Comment
0
...
أرسلت بواسطة أحمد سالم الخليفة, أبريل 02, 2015
الف شكر استاد على ما تفضلت بة من وجيز الكلام في تعريف الموما الية....
0
...
أرسلت بواسطة هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته , أبريل 08, 2015
يسلمووووووووووووووووووو

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الجمعة, 27 فبراير 2015 21:01