عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
ملاحظاتى على الدولة العثمانية صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الأربعاء, 01 يناير 2014 22:25

 

صور السلاطين العثمانيين

ملاحظاتى على الدولة العثمانية

أ . د . حامد طاهر


للدولة العثمانية تاريخ خاص (1300 – 1924 ) يكاد يجعلها متفردة بين الدول الكبرى التى قامت وازدهرت فى إطار الحضارة الإسلامية . وأول ما يلاحظ على هذه الدولة : نشأتها السريعة ، وحركتها الخاطفة فى معظم الفتوحات التى حققتها ، وهو الأمر الذى جعلها خلال فترة قصيرة تسيطر على جزء كبير من آسيا، وتحتل نصف أوروبا ، وتستولى على ممتلكات الخلافة العباسية فى العراق والشام والحجاز واليمن ، ومصر وطرابلس وتونس والجزائر حتى المغرب على شاطئ المحيط الأطلسى . وفى فترة قوتها وحيويتها ، كانت هى المتحكمة فى البحر الأبيض المتوسط سواء فى معظم موانيه ، أو فى كل الجزر الموجودة به .


وقد درجت الدولة العثمانية فى مرحلتها الأولى على أن تسمى نفسها (سلطنة) ، وحاكمها (سلطانا) . واستمر الحال على ذلك حتى تغلب السلطان سليم الأول على المماليك فى مصر سنة (1516) واصطحب معه آخر خلفاء بنى العباس، الذى تنازل له عن لقب (خليفة) ، وكان يحمله اسما فقط ، فأصبح الحكام العثمانيون يجمعون بين لقبى (سلطان) و (خليفة) . وكما أطلقوا على سدة الحكم لقب (الباب العالى) أطلقوا على حكمهم لقب (الخلافة العظمى) . .


وفى الآونة الأخيرة ، أتاحت لى الظروف فرصة الاطلاع على تاريخ الدولة العثمانية ، والمعالم الحضارية التى أرستها ، وكذلك أعمال حكامها المبهرة أحيانا، والمؤسفة فى أحيان أخرى . وقد اعتمدت فى ذلك على العديد من المصادر والمراجع ، يهمنى أن أذكر اثنين من أهمها على الاطلاق : الأول هو (تاريخ الدولة العلية العثمانية) الذى ألفه الزعيم الوطنى محمد فريد ، وظهرت طبعته الأولى سنة (1893) ، والثانى بعنوان (الدولة العثمانية : تاريخ وحضارة) لمجموعة متميزة من مؤرخى الأتراك وعلمائها ، وأشرف عليه أكمل الدين احسان أوغلى ، وظهرت ترجمته العربية بإشرافه أيضا سنة (1999) ، فى مجلدين ضخمين يبلغ كل منهما ثمانمائة صفحة .


والواقع أن هذه الجولة العلمية كانت طويلة وشاقة ، لكنها ممتعة ، فقد حصلت فيها على معلومات جديدة ، وأكدت لنفسى معلومات كانت غائمة . ونظرا لأننا فى مصر قد ارتبط تاريخنا المتوسط والحديث بتاريخ الدولة العثمانية ، حتى أن إلغاء الخلافة العثمانية سنة (1924) قد أحدث حزنا بالغا وأسفا شديدا لدى المصريين ، وقد رثاها الشاعر الكبير أحمد شوقى بواحدة من روائع قصائده ، كما يذكر للزعيم الوطنى مصطفى كامل أنه كان يدعو للتحرر من الاحتلال البريطانى ، ويتمسك فى نفس الوقت بالتبعية للخلافة العثمانية .


وعلى الرغم من قيام النظام الجمهورى فى كل من تركيا سنة (1923) ، ومصر (1954) ، فإن بعض الأصوات ، وهى ليست قليلة ، مازالت تتطلع إلى عودة تلك الخلافة ، وإحيائها من جديد ، خاصة وأن البلاد الاسلامية فى ظلها كانت وحدة متماسكة يعمل لها الخصوم ألف حساب ، أما الآن فقد ظهرت القوميات التى فرقتها ، وحولتها بتدخل الأجانب إلى كيانات صغيرة ، وأحيانا متحاربة ، يقاتل بعضها بعضا ، وأصبح المقسم منها معرضا للتقسيم إلى كيانات صغرى معرضة هذه المرة للتلاشى تماما !


لكن هل يمكن تحقيق هذا الإحياء ؟ وكيف يحدث ؟ وبأى الوسائل ؟ ثم ما هى الدولة المؤهلة اساسا للقيام أولا بذلك ؟ وهل يمكن أن تحوز على موافقة سائر الدول الاسلامية ؟ ثم هل تتيح لها ظروف الزمان والمكان الحالية فرصة كافية وملائمة لذلك ؟ وكيف سيكون رد فعل الدول الأقوى فى العالم المعاصر من إحياء الخلافة مرة أخرى ؟


وبالطبع لا توجد إجابات صريحة ومحددة عن هذه الأسئلة ، وإن كان من الملاحظ أن الذين ينادون بالإحياء يمتلئون بالحماسة ، لكنهم يفتقرون إلى القدرة على الانجاز ، كما تنقصهم المعرفة التاريخية التى تزودهم بالتبصر الواعى الذى يستفيد من تجارب الماضى ، ويتمكن من استيعاب قوى الحاضر ، ويتطلع إلى استشراف المستقبل . ومن هنا تأتى أهمية القراءة التى قمت بها فى تاريخ الدولة العثمانية ، والتى خرجت منها بمجموعة لا بأس بها من الملاحظات ، أضعها بين يدى القارئ ، دون أن أزعم بأنها حقائق حاسمة ، وإنما هى مجرد ملاحظات .


ولكى أبدأ من البداية ، يمكن أن أسأل أولا : كيف قامت الدولة العثمانية ؟ والجواب : بالصدفة البحتة . فقد وقف أحد زعماء القبائل الآسيوية على تلة بجانب نهر ، يشاهد حربا دائرة بين جيشين ، وحين أدرك قرب هزيمة أحدهما بسبب ضعفه ، دفعته شهامته إلى أن يقوم هو وأتباعه لمناصرة الجيش المهزوم ، حتى تمكن من الانتصار على خصمه . وعرفانا بفضله ، منحه الحاكم اقطاعا من الأراضى ، وأدخله فى نسيج جيشه ، بل جعله فى مقدمته بسبب بطولته وشجاعة أتباعه . هذا الرجل اسمه (ارطغرل) ، وكان له ابن شاب اسمه (عثمان) أحب ابنة الحاكم فزوجه إياها ، وقد أثبت هذا الشاب شجاعة فائقة فى فتح القلاع المحيطة ، فكانت مكافأته الحصول على مزيد من الإقطاعات ، وأصبح اسمه يضرب على العملة . وعندما توفى الحاكم أصبح عثمان هو الحاكم الفعلى ، وابتدأ به تاريخ العثمانيين . .


أما ملاحظاتى على هذا التاريخ ، وبعض معالمه ، فيمكن إجمالها فيما يلى :

1 ــ أن الدولة العثمانية كان لديها جيش على مستوى عال من القوة البدنية وحسن استخدام السيوف والرماح ، بالإضافة إلى تصميم فى التغلب على الخصوم وإحراز النصر . ومما كان يزيد من حماسة الجنود وجود السلطان نفسه معهم فى موقع القيادة ، ومشاركته لهم فى العمل الحربى .


2 ــ أن المساحات الشاسعة التى ضمتها الدولة العثمانية إلى أملاكها قد اشتملت على شعوب وأجناس مختلفة الأعراق واللغات والتقاليد والأعراف ، بالإضافة إلى الأديان . ولهذا السبب لم تكن مستقرة أبدا تحت حكم العثمانيين ، بل كانت تنتهز أدنى فرصة من الضعف والتراخى حتى تعلن استقلالها ، وتعيد تحالفها مع الأعداء .


3 ــ أن هذه المحاولات المستمرة من الاستقلال والخروج عن سلطان الدولة، جعلت العثمانيين فى حالة حرب دائمة لاسترداد الممالك الثائرة ، وإنزال العقاب بالأمراء والملوك الذين خانوا معاهدتهم مع الدولة . ولا تكاد تخلو سنتان أو ثلاث من حروب عثمانية مع الخصوم .


4 ــ أن نظام الحكم طوال عهد الدولة العثمانية قام على التوريث ، الذى كان سائدا فى العالم كله . ويقوم هذا النظام على أن يتولى الأبناء الذكور الحكم بعد آبائهم . وقد تراوح الأمر بين أكفأ الأبناء وأكبرهم سنا ، حتى انتهى الحال إلى تولية الأكبر سنا ، بشرط أن يكون راشد العقل .


5 ــ أن نظام التوريث على الرغم من عيوبه وتعارضه مع روح الاسلام قد يكون له بعض المزايا ومن أهمها : عدم تطلع القادة ورجال الدولة إلى الصراع على منصب الحاكم أو السلطان ، وهو الأمر الذى جعل المؤامرات أو المغامرات حول هذا المنصب نادرة أو شبه معدومه ، أما أهم عيوبه فهو أنه ترك للصدفة البحتة صعود شخص قوى وعادل إلى سدة الحكم ، كما أنه أوقع العثمانيين فى جريمة نكراء ، وهى جواز قتل الإخوة لكى لا ينازعوا الابن الحاكم فى السلطة ، وقد حدث ذلك مع الأسف بموافقة علماء السلطنة . ورد فى (قانون نامه الفاتح) : " أن الله يسر السلطنة لكل واحد من أولادى . ولأجل تأمين نظام العالم فإن قتل الإخوة مناسب ، حتى إن أكثر العلماء أجازوه . فليعمل به " !


6 ــ أن الجيش الذى اعتمدت عليه الدولة العثمانية فى فتوحاتها قد حظى منها بكل الرعاية والاهتمام ، وكان يتم توفير سلاحه ولوازم ضباطه وجنوده ومكافأتهم بكل سخاء ، أما الجزء الأهم من هذا الجيش فقد تمثل فى طائفة الانكشارية ، الذين كانوا يؤخذون من شباب الأسرى ويجرى تدريبهم عسكريا ، ويسمون بأبناء السلطان ، بحيث لا يدينون لأحد سواه بالولاء الكامل . وإليهم يرجع الفضل الأكبر فى معظم الانتصارات التى حققها العثمانيون فى حروبهم ، ولكنهم كانوا أيضا يقفون عائقا فى طريق تحديث النظام العسكرى نتيجة تمسكهم بتقاليدهم الموروثة.


7 ــ أن العثمانيين اعتمدوا فى تطوير أسلحة جيشهم على بعض المتخصصين وذوى الخبرة من الأجانب وخاصة الألمان والإنجليز ، الذين صنعوا لهم مدافع أقوى ، وسفنا حربية ذات قدرة كبيرة على المناورة لكى تناسب طبيعة الحروب التى خاضوها . لكن الحق يقال إنهم قد قاموا هم أنفسهم بعد ذلك بتصنيعها فى مصانعهم .


8 ــ أن الدولة العثمانية التى استمرت حوالى ستمائة سنة قد حكمها (36) حاكما من أسرة واحدة ، وقد تراوحت مدة حكم أحدهم من سنتين إلى ما يقرب من خمسين سنة . ومن الواضح أن طول فترة الحكم لدى بعضهم قد أتاح له إجراء إصلاحات ادارية وقانونية فى الدولة ، وخاصة عندما كانت وتيرة الحروب تهدأ قليلا .


9 ــ أن الطابع العام للدولة العثمانية كان اسلاميا من حيث الظاهر ، لكن ذلك لم يمنع قيام السلاطين بإصدار قرارات أو اتخاذ إجراءات مدنية بالكامل ، تبعا لتطور الحياة وتغير الظروف . ومن ذلك على سبيل المثال ما قام به محمد الفاتح من وضع أول مبادئ القانون المدنى ، وقانون العقوبات حيث أبدل العقوبات البدنية (أى السن بالسن والعين بالعين) وجعل عوضها الغرامات النقدية بكيفية معينة أتمها السلطان سليمان القانونى فيما بعد . ومن ذلك أيضا قيام الدولة بإستحداث رسوم للمحاكم سنة (1393) .


10 ــ أن اهتمام الدولة العثمانية بنشر الإسلام فى البلاد التى استولت عليها لم يكن فى الحقيقة هدفها الأساسى ، وإلا لكانت شعوب هذه البلاد قد أسلمت ، وظلت متعاطفة مع العثمانيين حتى اليوم ، لكنهم كانوا يقتصرون على بعض المظاهر الخارجية مثل إقامة مسجد ، وحمامات ، وتكايا ، دون انشاء مدارس أو بث دعاة يعرّفون الناس – وخاصة النشئ – بحقيقة الإسلام ، ومبادئه السامية .


11 ــ أن ما تم تحقيقه بالقوة المسلحة لا يلبث أن ينتقض بالقوة المسلحة المضادة لها . وهذا ما لم تدركه جيدا الدولة العثمانية طوال فترة سيطرتها على الممالك المجاورة . وكثيرا ما كانت تعقد معاهدات دبلوماسية لا تلبث الأطراف الأخرى أن تنقضها ، والتخلص من تبعاتها . وهذا ما حدث مع كل من المجر وبلغاريا وفرنسا واسبانيا وانجلترا .


12 ــ غطى اهتمام الدولة العثمانية بالصراع المستمر مع الدول الأوربية فى غرب أوربا على اهمالها للخطر الكامن فى روسيا ، والتى كانت تطمح قبلها إلى الاستيلاء على ممتلكات الدولة البيزنطية ، ومنها القسطنطينية نفسها ، وقد ظلت تنتهز الفرص حتى هاجمت واستولت على معظم ممالك الدولة العثمانية كما كانت جاهزة دائما للتحالف مع أعدائها الأوربيين .


13 ــ أن التسلل الخطير فى كيان الدولة العثمانية تسرب إليها من خلال الامتيازات الأجنبية التى أعطيت لبعض البلاد المعادية للدولة فى فترات الصلح المؤقت . وقد استطاع التجار الأجانب أن يطلعوا على الأحوال الداخلية للعثمانيين ، وينقلوا المعلومات الحساسة عنهم للدول التابعين لها ، ومنها وقفت هذه الدول على نقاط الضعف فى الدولة العثمانية .


14 ــ أن العداء المستحكم لدى الدولة العثمانية ضد أعدائها الأوربيين جعلها تحجم عن متابعة تطورهم العلمى والفكرى ، والذى تبلور بقوة خلال القرن السابع عشر ، حيث شهد بزرغ المنهج التجريبى الحديث ، وما نتج عنه من ابتكارات ومخترعات غيرت وجه الحياة فى أوربا ، ونقلتها للأمام نقلة نوعية كبرى ، جعلتها تثبت جيدا فى مواقعها ، بل وتتقدم للاستعمار فى كل أنحاء العالم .


15 ــ أن الدولة العثمانية بدأت تفقد سلطتها المطلقة على أوربا حين قامت هذه الأخيرة بتقوية أسلحتها ، وتحديث أنظمة جيوشها وأساطيلها البحرية بصورة علمية مطردة ، كما أنها راحت تستفيد من المعلومات الهامة والتفصيلية التى سبق أن جمعتها عن الدولة العثمانية والممالك الخاضعة لها بهدف اقتطاعها منها واحدة بعد الأخرى .


16 ــ أن البلاد الأوربية كانت عند الضرورة تلجأ إلى المسيحية التى يمثلها البابا فى روما لتأكيد وحدتها وتضامنها ضد العثمانيين المسلمين . وهكذا كان للجانب الدينى أثره الذى لا ينكر فى تحزب الدول الأوربية ضد الدولة العثمانية لإضعافها والثأر منها .


17 ــ وفى المقابل من ذلك ، لم تقم الدولة العثمانية بحشد الممالك التابعة لها فى كل من آسيا وإفريقيا ، وهى كلها إسلامية ، لتقوية جبهتها الخارجية ، ويمكن القول هنا بأن العصبية العثمانية قد لعبت دورا هاما فى تقوقع الدولة على ذاتها ، والاعتماد فقط على جنسها ، وكان هذا أحد أسباب رغبة العرب فى الانفصال عنها .


18 ــ اتسمت الاصلاحات التى قامت بها الدولة العثمانية ، وخاصة فى مرحلتها المتوسطة والأخيرة ، بالبطء الشديد . وكان يقابل ذلك سرعة فى الإيقاع لدى الدول الأوربية المناهضة لها . وهذا هو الأمر الذى نتج عنه تفاوت كبير فى درجة وحجم التقدم لدى كل منهما .


19 ــ شاع فى مصر أنها هى التى استبدلت القانون الفرنسى بالقوانين الإسلامية ، والواقع أن قانون العقوبات العثمانى وضع على ضوء القانون الفرنسى (1840) وتم تعديله وتنفيذه الفعلى سنة (1851) . وكانت مصر حينئذ تابعة اسميا للدولة العثمانية .


20 ــ كانت الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) هى النهاية الفعلية لانطفاء عظمة الدولة العثمانية ، وذلك حين انحازت إلى جانب ألمانيا ضد الحلفاء الذين كان النصر إلى جانبهم ، والذين اقتطعوا منها جميع الممالك العربية بعد أن أشعلوا فيها روح العداء ضد الدولة العثمانية ودفعوها لإحياء قوميتهم العربية .


21 ــ تم إلغاء السلطنة العثمانية أول نوفمبر سنة (1922) وأعلن النظام الجمهورى فى تركيا 29 نوفمبر (1923) ، ثم ألغيت الخلافة الإسلامية وطردت العائلة السلطانية خارج البلاد 3 مارس (1924) . وبذلك طويت صفحة دولة كبرى استمرت ستمائة عام ، وكان لها تأثير مباشر على ثلاث قارات متجاورة ، كما كان صعودها مثل البرق سريعا وخاطفا ، أما هبوطها فقد استغرق زمانا طويلا ، بسبب النظام المحكم الذى أقامه لها حكامها الأقوياء من أمثال : محمد الفاتح ، وسليم الأول ، وسليمان القانونى . .


22 ــ وبعد .. فإن استعراض تاريخ الدولة العثمانية يقدم لنا – فى الوقت الحالى – صورة متكاملة لصعود الدول الكبرى وهبوطها . ومن الواضح أن لكل منهما أسبابه وظروفه التى تحيط به . ومنها ندرك أن ذكاء الحكام ويقظتهم الدائمة وحرصهم على تقدم شعوبهم وحسن اختيارهم لمعاونيهم ، كلها عوامل أساسية للتقدم ، كما أن الإهمال واللامبالاة والانغماس فى الشهوات إلى جانب سوء اختيار المعاونين ، وعدم مراعاة متطلبات الشعوب ، هى أيضا عوامل أساسية لهبوط الدول . ويظل دائما أن الإعداد الجيد للأمور هو الذى يؤدى إلى تنفيذها بصورة صحيحة ، كما أن الصدفة قد تتدخل أحيانا فى إحراز النجاح لكن الحاكم العاقل لا ينبغى له أن يعوّل عليها فى اطار عمله الدؤوب ، ووضع خطته المحكمة .


23 ــ وأخيرا فإن قيام الدول الكبرى والامبراطوريات لا يتم بمجرد الرغبة ولا الأمانى ، ولكنه يتطلب فى البداية قوة عسكرية متكاملة تستطيع أن تبسط سيطرتها على مساحة شاسعة من الأرض ، وتؤكد هيبتها لدى جيرانها ، ثم يأتى بعد ذلك النظام السياسى والاقتصادى المحكم الذى تدير به شئون رعاياها ، بشرط أن يقوم ذلك على مبدأ العدل ، لكى تتجنب الاضطرابات الداخلية التى تؤدى إلى انهيارها .

 

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الخميس, 09 يناير 2014 22:09