كتبها Administrator
|
الاثنين, 20 مايو 2013 22:29 |
قصيدة الهارب
جاء يدق البابْ كأنه عاصفة من الترابْ وحينما فتحتُ ، كان فى ثياب السجن ، صحْتُ - هل هربْتَ ؟! لم يردَّ ، وارتمى على يدىّ رأيت ظهره مضرجا بالدمّْ سمعتُهُ يهمسُ : - إنها الكلابْ * * أىّ مساء يحمل الشر أتى به إلىّ ؟! وما الذى ذكَّره بمنزلى فى وسط المدينةْ ؟! أدرتُ ألف هاجس ، وعدت بالضمادةْ أسألهُ : - هل أحد رآكْ ؟ أجاب فى ارتيابْ - لعله البوّابْ ! * * ناولت الشاىَ ، وقُلت : - إنهم سيعرفونْ ! عاتبنى بنظرة طويلة منكسرةْ كان يريد أن ينامْ تركته للفجرْ .. تركته للعصر .. تركته لليلةِ الأخرى ممدّا على السريرْ ومقعدى الهّزاز لا يقرّ .. من ضراوة التفكيرْ ! * * حين صحا ، أخبرنى بأنه جوعانْ أحضرت كل ما لدى من ألوانْ أنقضّ مثل حوتْ وقال : إنه يحسّ باستعادة النشاطْ ولا يريد أن يموتْ ! .. سألتُ : - ما الذى تنويهْ ؟ التمعت عيناه .. فجأةً ، وقال لى : - أمارس التمويهْ ! .. كنُت أسيرُ فى الطريق ، مثلما الجرْذِ الذى يخشى الخطى ، ويختبى .. من وَهَجَ العيون ، وانقضاضة الأصحابْ وفوق مكتبى ، أطالع الجرائد المروَّعةْ صورتُه تملأها .. أخبارُه تلهبها .. أجهزةُ البوليس لا تنام عنهُ .. كاد بعضها يُحدِّدُهْ !! * * يقول لى المدير ، عندما يلاحظ اضطرابى أراك مرهقا ؟ أقولُ : - إننى مريضْ ! * * أدخلُ بيتى ، حاملاً كتابه الذى تخيَّرهْ . وخنجرهْ وقبل أن أعطيهما له ، وأستعد كى أصرخَ فيه : "إننى سئمتُ من وجودك الثقيلْ .." يخبرنى بأنه قد قرر الرحيلْ * * أىّ هواء طازج ، هذا الذى ينداح فى المكانْ ؟! وأىّ راحةٍ أحسها بأضلعى ، التى تشوقت للحظةٍ من الأمانْ ؟! للمرة الأولى .. شعرت أننى أريد أن أنامْ أحبّ أن أنامْ أسلمت للكرى جفونىَ المسهّدةّ وغُصْتُ فى بحيرةٍ من الغمامْ .. * * مع الصباح .. كان لون النصر فى واجهة الجرائدْ وفرحةُ المذياع تملأ الدروب والمقاهى .. سألتُ : - ما الذى يدورُ ؟ قيل لى : تمكّنَ الجنودُ من جَنْدَلةِ الهاربْ واستخرج البوليسُ من جيوب سترتِهْ كتابه وخنجرهْ !!
|
آخر تحديث الأربعاء, 25 مارس 2015 22:04 |