عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
نعمة الحياة صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الجمعة, 13 سبتمبر 2019 14:17


نعمة الحياة (مقال فلسفى)


عندما نشرت منذ عدة أيام مقطوعة نثرية بعنوان (الحياة فى يوم) علّق عليها صديقى أ.د. حسن البندارى بقوله : نص قصصى بديع يا حبيبى الشجاع .. القادر على المواجهة . وأنا أشكره كثيرا على ذلك ، لكننى أتوقف قليلا عند عبارة (القدرة على المواجهة) فالمقصود أننى كنت قد كتبت عن لقاء الموت ومواجهته بكل هدوء . والواقع أننى أعتبر كلا من الموت والحياة وجهان لعملة واحدة ، فلا حياة بدون موت ولا موت بدون حياة . غير أننا نستقبل الحياة بفرح وابتهاج ، ويصدمنا الموت فنبكى ونصرخ ! صحيح أن الموت يحرمنا من الأهل والأحباب ، فيشعل حرقة قلوبنا عليهم ، لكن الحياة أيضا تمنحنا الكثير من الحب والصداقة ، ومع ذلك فإن بعض الحب قد يتعثر ويتلاشى ، وبعض الصداقة قد تصاب بلعنة الخيانة . وهذا يعنى أنهما قد (يموتان) أمام أعيننا ونحن أحياء !
**
أنتقل من هذا إلى إلقاء بعض الضوء على حياة الإنسان فى هذه الدنيا . ولا بد من الاعتراف بأنها نعمة إلهية إذا ما قورنت بظلمة العدم . وبيان ذلك أن آلاف الحيوانات المنوية تذهب للعدم ، بينما لا يبقى سوى واحد منها فقط هو الذى يتاح له فرصة الاندماج مع بويضة المرأة ، ليتشكل منهما ذلك الكائن الحى الذى هو الإنسان . وهذا يثبت أنه منذ البداية توجد عملية اختيار إلهى للإنسان الذى سوف يخرج بعد تسعة شهور لينمو ويكبر حتى يصبح بقدر أبيه وأمه .
**
أما النعمة الثانية فتتمثل فى (الفترة الزمنية) التى حددها الله تعالى لكل إنسان ، حتى يمارس وظيفته المقدرة له فى هذه الدنيا . والفترة الزمنية تلك ، التى هى سنوات العمر، تكون كافية جدا لكى يحقق كل إنسان فيها ما يجب عليه أو ما هو ممكن له ، سواء كان خيرا أو شرا أو هما معا . والملاحظ أن هناك من يكون عمره قصيرا ، ومع ذلك ينتج الكثير من الأعمال ، فى حين يوجد فى المقابل من يعمّر لأكثر من ثمانين أو حتى تسعين سنة دون أن يترك وراءه شىئا يذكر ! قال الحسن البصرى : (يا ابن آدم .. إنما أنت أيام ، فإذا ذهب يوم ذهب بعضك) .
**
تلك فقط مقدمات لما ينبغى أن يتنبه له الإنسان العاقل . وهو أن كل يوم يفتتح به حياته فى الصباح الباكر لا بد أن يملأه بفعل الخير ، فإن لم يستطع فعليه أن يتجنب الشر ، وهذا يعنى أن يكون هناك حساب يومى فى المساء قبل النوم لكل ما قام به طوال يومه الطويل ، وأنا أصف اليوم بالطول لأنه يشتمل على الساعات والدقائق والثوانى . وقد ورد فى الحديث النبوى ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره : فيما أفناه ؟ وعن علمه : فيما فعل ؟ وعن ماله : من أين اكتسبه ؟ وفيما أنفقه ؟ وعن جسمه : فيما أبلاه ؟) والقرآن الكريم يقول : (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) [المؤمنون،آية 115] .
**
وهكذا يبدو أن نعمة الحياة الإلهية لم توهب للإنسان اعتباطا أو بالصدفة ، وإنما هى اختيار دقيق جدا ومقصود تماما ، كما أن له أبعاده وعواقبه ، لكن كم من الناس يدرك ذلك ؟ ـــ القليل ، والقليل جدا ، أما الكثرة الغالبة فإنهم يعيشون حياتهم فى غفلة كاملة ، وتبعا للظروف المحيطة بهم ، وتمشيا مع العادات السيئة ، وخضوعا للتقاليد المتوارثة حتى ولو كانت خاطئة . وهم فى معظم الأحوال لا يتساءلون : لماذا هم موجودون ؟ وإلى أين هم صائرون ؟ والواقع أن القرآن الكريم يذكر بكل وضوح أن أمثال هؤلاء الناس هم الذين سيكونون (حصب جهنم) أى الوقود الذى يجعلها دائمة الاشتعال لعقاب العصاة والكافرين [سورة الأنبياء ، الآية98] .
**
ولكى لا ينتهى هذا المقال ـــ لدى البعض ـــ بقدر من اليأس أو التشاؤم ، فإننى أؤكد أن باب الأمل يظل مفتوحا أمام الإنسان الذى ضيّع الكثير من أيام عمره فيما لا يفيد ، أو حتى فيما يضره ، وهذا الباب يتمثل فى (التوبة) بمعنى التوقف تماما عن المعاصى ، والاعتذار عنها ، مع الاعتراف بالتقصير ، والتصميم على المضىّ فى الطريق المستقيم ، وتقوية الرجاء فى عفو الله وغفرانه ، وهو تعالى الذى وصف نفسه بأنه الغفّار الرحيم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy