|
كتبها Administrator
|
|
الجمعة, 12 أبريل 2019 20:05 |
|
حكاية زرقاء اليمامة
تحكى الأساطير العربية أن زرقاء اليمامة هو اللقب الذى أطلق على فتاة شابة ، نشأت فى منطقة اليمامة باليمن ، وكانت تتميز بحدة البصر ، ورؤية الأشياء من على بعد كبير.أما وصف زرقاء فيبدو أنه جاء من لون عينيها ، أو بسبب قوتها البالغة فى الإبصار . وبالطبع كان أهل القبيلة يستفيدون من رؤيتها للأشياء من بعيد ، ولاشك أنهم كانوا يندهشون ويتندرون أحيانا على تلك الظاهرة المتفردة ، حتى جاء يوم صعدت فيه زرقاء اليمامة على تل وشاهدت أثر الغبار الذى تثيره سنابك الخيل فى الصحراء ، فنزلت وأخبرت قبيلتها بضرورة الاستعداد للدفاع ضد هجوم وشيك قادم إليهم ، لكن حكماء القبيلة الذين بيدهم الأمر لم يعطوا كلامها أهمية ، ولابد أنهم اعتبروا ذلك نوعا من التجاوز فى استخدام موهبتها ، ومن المؤكد أن أحدا منهم أقنع الباقىن بأنه لا يجوز إعلان الاستنفار العام لمجرد كلام فتاة لا أهمية لها . وهنا مربط الفرس كما يقول العرب أنفسهم . فإهمال أى ملاحظة تتعلق بأمر خطير قد يؤدى إلى عواقب وخيمة .
عموما ، فقد نامت قبيلة زرقاء اليمامة فى تلك الليلة مطمئنة ، واستغرقت فى أحلامها اللذيذة ، أما الفتاة فلابد أن نتخيل مدى الغضب والإحباط لعدم الاستجابة لملاحظتها ، ومن المؤكد أنها تعرضت للأرق ، ولم تستطع النوم نتيجة لعدم الإصغاء إلى نصيحتها ، وقلقها الشديد على نفسها وأسرتها وقومها . المهم قبل أن يبزغ الفجر كان الهجوم الكاسح من القبيلة المعادية قد حدث على القبيلة ، وفوجئ الجميع ــــ ما عدا زرقاء اليمامة طبعا ـــــ بحرْق الخيام ، وقتْل الرجال ، وسبْى النساء والأطفال .. وفى هذه الحالة علينا أن نتساءل : أين راح أولئك الحكماء فى القبيلة الذين رفضوا رؤية زرقاء اليمامة ؟
لم تحدثنا الحكاية عن أى واحد منهم ، وتركت لنا المنطقة فارغة لكى نستخلص منها العبرة ، وهى أن المجتمع الناصح هو الذى يوازن بين الآراء ، ويتخير منها الصالح ، دون أن يضيع الوقت فى مهاترات،أو يندفع إلى رفض الآراء الجديدة لمجرد العناد وعدم التبصّر لعواقب الأمور!
 |
