كتبها Administrator
|
السبت, 28 مارس 2020 16:34 |
مصر وقمحها
سألنى شاب جامعى ، على ثقافة بتاريخ مصر القديمة ، قائلاً : ألم يذكر لنا التاريخ أن مصر كانت تمد الإمبراطورية الرومانية بحاجتها من القمح ؟ قلت : بلى . قال : فما الذى جعلها الآن تستورده من الخارج لتسد حاجتها منه ؟
وقفت طويلاً أمام السؤال ، وتمنيت ساعتها لو كانت بين يدى البيانات الإحصائية الموجودة فى وزارة الزراعة عن تطور زراعة القمح فى مصر ، ومساحتها ، وإنتاجية الفدان منها ، لكننى حاولت أن ألفت نظر الشباب إلى حقيقة هامة ، وهى أن تعداد السكان فى مصر قد زاد خلال القرن العشرين زيادة هائلة ، وذلك فى نفس الوقت الذى لم تزد فيه المساحات المزروعة عموماً ، والمنزرعة قمحاً على وجه الخصوص ، بنفس النسبة ونفس المعدلات . وهكذا كانت النتيجة زيادة الحاجة إلى القمح عن كميات إنتاجه ، وهذا ما جعل مصر تلجأ إلى الاتحاد السوفيتى السابق ، ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية لكى تشترى ما يكمل حاجتها من القمح ، لكننى سمعت فى الآونة الأخيرة ، وخاصة بعد (أحداث) التفاوت فى سعر صرف الجنيه ، والانفلات غير المعقول للدولار ، أن مصر أخذت تعدد مصادر حصولها على القمح من بلاد تبيعه بسعر أكثر معقولية .
عاد الشاب يسأل ، بكل براءة : ولماذا لا نخصص (كل) إنتاجنا الزراعى للقمح ما دمنا نحتاج إليه بهذا الشكل ؟ قلت له : أجابتك مرة أخرى عند وزارة الزراعة ، التى ترى ضرورة تنويع ما تنتجه الأرض لكى يلبى مختلف الحاجات . قاطعنى الشاب: لكننى ألاحظ أننا نزرع أحياناً ما لا نحتاج إليه . قلت له : مثل ماذا ؟ قال بغضب : مثل الفراولة ! قلت له : لكننا نزرع مثل هذه الفواكه للتصدير ، أى لكى تأتى لنا بعملة صعبة نتمكن أن نشترى بها القمح . قال : ولماذا هذه اللفة ؟ ثم أردف قائلاً : لو كان الأمر بيدى لأمرت بزراعة حقول مصر كلها قمحاً ، واستوردت بعد ذلك ما نحتاجه من المنتجات الزراعية الأخرى أو الفواكه !
نظرت إلى الشاب وهو يتحدث فوجدته مليئاً بالثقة ، متأكداً مما يقول ، مصمماً على تنفيذه إذا ما أتيحت له الفرصة . ساعتها قلت فى نفسى : ومن يدرى ، فلعل هذا الشاب الجامعى المتحمس ، يصبح ذات يوم وزير الزراعة فى مصر . ومن يدرى لعله يعمل على أن يسد حاجتها من القمح المصرى، ويستورد ما زاد عن ذلك !
مصر وقمحها
سألنى شاب جامعى ، على ثقافة بتاريخ مصر القديمة ، قائلاً : ألم يذكر لنا التاريخ أن مصر كانت تمد الإمبراطورية الرومانية بحاجتها من القمح ؟ قلت : بلى . قال : فما الذى جعلها الآن تستورده من الخارج لتسد حاجتها منه ؟
وقفت طويلاً أمام السؤال ، وتمنيت ساعتها لو كانت بين يدى البيانات الإحصائية الموجودة فى وزارة الزراعة عن تطور زراعة القمح فى مصر ، ومساحتها ، وإنتاجية الفدان منها ، لكننى حاولت أن ألفت نظر الشباب إلى حقيقة هامة ، وهى أن تعداد السكان فى مصر قد زاد خلال القرن العشرين زيادة هائلة ، وذلك فى نفس الوقت الذى لم تزد فيه المساحات المزروعة عموماً ، والمنزرعة قمحاً على وجه الخصوص ، بنفس النسبة ونفس المعدلات . وهكذا كانت النتيجة زيادة الحاجة إلى القمح عن كميات إنتاجه ، وهذا ما جعل مصر تلجأ إلى الاتحاد السوفيتى السابق ، ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية لكى تشترى ما يكمل حاجتها من القمح ، لكننى سمعت فى الآونة الأخيرة ، وخاصة بعد (أحداث) التفاوت فى سعر صرف الجنيه ، والانفلات غير المعقول للدولار ، أن مصر أخذت تعدد مصادر حصولها على القمح من بلاد تبيعه بسعر أكثر معقولية .
عاد الشاب يسأل ، بكل براءة : ولماذا لا نخصص (كل) إنتاجنا الزراعى للقمح ما دمنا نحتاج إليه بهذا الشكل ؟ قلت له : أجابتك مرة أخرى عند وزارة الزراعة ، التى ترى ضرورة تنويع ما تنتجه الأرض لكى يلبى مختلف الحاجات . قاطعنى الشاب: لكننى ألاحظ أننا نزرع أحياناً ما لا نحتاج إليه . قلت له : مثل ماذا ؟ قال بغضب : مثل الفراولة ! قلت له : لكننا نزرع مثل هذه الفواكه للتصدير ، أى لكى تأتى لنا بعملة صعبة نتمكن أن نشترى بها القمح . قال : ولماذا هذه اللفة ؟ ثم أردف قائلاً : لو كان الأمر بيدى لأمرت بزراعة حقول مصر كلها قمحاً ، واستوردت بعد ذلك ما نحتاجه من المنتجات الزراعية الأخرى أو الفواكه !
نظرت إلى الشاب وهو يتحدث فوجدته مليئاً بالثقة ، متأكداً مما يقول ، مصمماً على تنفيذه إذا ما أتيحت له الفرصة . ساعتها قلت فى نفسى : ومن يدرى ، فلعل هذا الشاب الجامعى المتحمس ، يصبح ذات يوم وزير الزراعة فى مصر . ومن يدرى لعله يعمل على أن يسد حاجتها من القمح المصرى، ويستورد ما زاد عن ذلك !
|