أغنية الراعى
من ربوةٍ خضراءَ نائمةٍ بأحضان الجَبَلْ ساق النسيمُ الصَّبُّ أغنيةً كرَنَّات القُبَل يشدو بها راع ، خلىُّ البال ، مشبوبٌ الأمل متفائلُ برحابَه الآفاق ، والعشب المُطِلّْ
* *
وتذكرَّ الراعى دعاء الأم فى غبش الصباح "اذهبْ بنىّ إلى سبيل الرزق . . يصحبك الفلاح ، "واحذر من الذئب اللعين ، وما تخبِّئه الرياح " "بل عُدْ سريعاً يا بنىّ .. فكم أخاف من البطاح!"
* *
ومضى يعيد خيالُه طيفاً لسلمى مشرقاً . . كبداية الفجر الوليد ، إذا سرى وترقرقا كالبدر فى كبد السماء ، وقد سما وتألَّقا
كالزهر بلّله الندى فبدا جميلاً مطرقا
* *
أَوَ هكذا جاءت سليمى عندما كان اللقاءْ .. تخطو .. كما يخطو الغزال إذا تخطَّر فى حياء ضحكاتها النشوى تكسَّرُ بين طيات المساء فتذوِّب الألم الأليم ، وتبعث الأمل المُضَاء
* *
ومضى يهدهد قلبه الخفَّاقَ من لَهَف الغرام ويداعب الناىَ الحنون بأغنيات من هيام تنساب فى غَيَد الهدى ، وترنّ فى سمع الغمام وفؤاده الخفاق ينعم بالسكينة والسلام
* *
وعلى نُباح الكلب .. أخلد للطريق المكفهرّ ملأته أصواتُ البنادق فى جنونٍ مستعرّ كعواصف غضبى .. تبعثر كل أوراق الشجر وتبيد ما زرعته أيامُ الخصوبة والمطر
* *
وتوقف الراعى يرى : ماذا سيفعله الطغاهْ
بالأمس كان أبوه يرعى إنهم قتلوا أباه .. واستاق جندهم المُعربدُ مثل هاتيك الشياه وتمثَّل الثأرُ القديم بقلبه ، فغلتْ دماه ..
* *
ورأى الجنود تجمَّع القطعان فى عصف عتىّ فَعَدا يخلَّصها بكل شجاعة القلب الأبىّ بعصاهُ .. بالناى الحنون .. بسوْرة العزم الفتىّ بالروح .. ينفثها من الأعماق فى بأس قوىّ
* *
وعلى الثرى انفجر الدم الموّارُ من جسد الشهيدْ يغلى بأحقاد الأسى المكبوت ، والأمل الشريد والناى أخرسه الطغاةُ ، فنام مختنق النشيد يحكى انطفاء الحق فى الدنيا ، وسيطرة الحديد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|