المعروف فى غير أهله
يحكى أن رجلاً خرج للصيد، فوجد حية أمامه تستغيث به قائلة:
ـــ أغثنى يرحمك الله ؟
قال لها :
ـــ ومم أغيثك ؟
ـــ من شخص يتبعنى وقد أصر أن يقطعنى قطعًا !
قال لها :
ـــ ومن أنت ؟
ـــ من أهل لا إله إلا الله.
ـــ وأين أخبئك؟
ـــ فى جوفك أن كنت تريد المعروف .
فتح الرجل فمه ، وأدخل الحية فيه. وإذا بشخص غاضب يحمل سيفًا ، ويبحث فى الأرض، وعندما وجد الرجل سأله :
ـــ أين الحية يا رجل ؟
ـــ لا أرى شيئًا .
ـــ سبحان الله !
ـــ نعم ، سبحان الله ما أرى شيئًا.
وعندما انصرف الشخص الغائب : أخرجت الحية رأسها من فم الرجل وقالت ـــ هل انصرف ؟
ـــ أجل
ـــ إذن فاختر لنفسك إحدى طريقتين : إما أن أضع سمى فى قلبك فتهلك على الفور ، أو أقطع كبدك قطعًا تخرجها من بطنك؟
ـــ وهل هذه مكافأتى ؟
ـــ أجل لأنك وضعت المعروف فى غير أهله .
وعندما رأى الرجل تصميمها على قتله ، رجاها أن تمهله حتى يأتى سفح الجبل، ويمهد لنفسه قبرًا .
وبينما هو سائر ، كسيف البال، حزين القلب، منكسرًا ، قابله شاب حسن الوجه والثياب ، فقال له :
ـــ مالى أراك أيها الرجل حزينًا بهذا الشكل ، وكأنك مسوق إلى حتفك ؟
ـــ إننى بالفعل كذلك .
ـــ وما السبب ؟
ـــ فى جوفى عدو يريد هلاكى، ولا أستطيع النجاة منه.
فأخرج الشاب من جيبه شيئًا ودفعه إليه وقال:
ـــ كل هذا ،
ففعل ، فأصابه مغص شديد ، ثم دفع إليه قطعة أخرى وقال :
ـــ كلها ،
فأكلها ، وما كاد يفعل حتى أفرغ من جوفه الحية قطعًا ممزقة . قال الرجل للشاب
ـــ من أنت يرحمك الله ؟
ـــ أنا المعروف . إن أهل السماء عندما رأوا غدر الحية بك اضطربوا ، كل يسأل ربك أن يغيثك . فقال الله عز وجل : يا معروف ، أدرك عبدى، لأنه قصدنى بما صنع !!
ومما يرويه العرب أن قومًا خرجوا للصيد فطاردوا ضبعًا حتى ألجأوها إلى خيمة أعرابى ، فأجارها، وجعل يطعمها .. فبينما هو نائم، وثبت عليه، فبقرت بطنه ، وجاء ابن عم له يطلبه ، فإذا هو مبقور البطن ، فتبع الضبع حتى قتلها!
وحكوا أن أعرابيًا ربى جرو ذئب ، وجعل يغذيه بلبن شاه له حتى كبر، فخرج معها للرعى كعادته ، وهناك تحركت غريزته الوحشية ، ونفسه الذئبية فانقض على الشاه وافترسها..
تلك بعض الحكايات عن وضع المعروف فى غير أهله من الحيوانات ، فما بالك بوضعه فى غير أهله من البشر ؟!
* *
|